جاءت اشتباكات طرابلس بين الميليشيات، الاثنين، وحصارها لمقر الحكومة غير الشرعية في العاصمة كدليل على حالة الاحتقان والصدامات المستمرة، التي تعيشها الميليشيات المتناحرة لتحقيق الأهداف الشخصية والحصول على المكاسب المالية والمنافع السلطوية.
فمنذ سيطرة الميليشيات على طرابلس، تصاعدت حدة الصراع بين الميليشيات المسلحة، كان آخرها حادثة اختطاف، محمد القدار، وهو وزير التخطيط في الحكومة، التي تنصب نفسها في العاصمة.
وأشارت مصادر محلية إلى أن القيادي بميلشيا ثوار طرابلس، هيثم التاجوري، حاصر مع مجموعة مسلحة تابعة له مقر ما يسمى برئاسة الوزراء في طرابلس، الأمر الذي دفع بحكومة الميليشيات إلى إصدار قرار بحل كتيبة ما يسمى بثوار طرابلس.
واتهم بيان لما يعرف باسم كتيبة ثوار طرابلس التابعة للتاجوري وزير التخطيط بـ"الفساد" وبعدم صرف "تفويضات مالية" وهدر الأموال و"التلاعب بالملايين من المخصصات المالية".
غير أن التاجوري نفسه هو متهم أيضا بالاختلاسات وسرقة مخازن الأدوية في مراكز طبية في طرابلس، إضافة إلى تنفيذ عمليات خطف لقيادات في ميليشيات أخرى ممن يخالفه الرأي.
وتشير الأنباء إلى أن شوارع طرابلس باتت ساحة للصراع بين مختلف الميليشيات المتناحرة من ميلشيات مصراته، أو فجر ليبيا أو فصائل التاجوري أو كتائب درع الوسطى وزليتن أو ميلشيات تحت مسميات أخرى.
وهذا المشهد ليس ببعيد عن المدن، التي تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية، فقد أوردت تقارير، الثلاثاء، باقتحام ميليشيا المعاولة لمدينة الخمس شرقي طرابلس بعدد من الآليات المسلحة، حيث قامت بمحاصرة مكتب الجريمة.
كما أن الحال مماثلة في سرت، حيث تشهد المدينة نزوحا لعشرات العائلات هربا من سطوة مسلحي داعش، التي تسيطر على المدينة.
وتكابد العائلات الظروف المعيشية القاسية وحالة من الانفلات الأمني والاعتقالات التعسفية في صفوف الميليشيات الأخرى في المدينة.
ويؤكد ذلك المشهد القلق الدولي من فشل الميلشيات، وعدم رغبتها في التفاوض والحوار مع أي من الأطياف الليبية الأخرى، كما يؤكد الإخفاقات من جانب ميليشيات طرابلس لتشكيل أي حكومة ائتلافية ليبية تمارس عملها في طرابلس في ظل تغول وانتشار هذه العصابات الإجرامية بسبب المطامع الشخصية.
ويتزامن ذلك مع تعيين الأمم المتحدة لمارتن كوبلر كمبعوث دولي جديد إلى ليبيا عقب فشل برناردينو ليون في إحداث توافق بين الأطياف السياسية الليبية، الأمر الذي يطيل من عمر الأزمة في ليبيا، كما يؤكد عجز المجتمع الدولي على وضع حد لخطر الإرهاب والتطرف، الذي يهدد الأمن الليبي.
ويبدو أن حالة الفوضى العارمة بين الميلشيات وتصارع المصالح الشخصية، التي تعلو على المصالح الوطنية أغرقت طرابلس بأهلها، وما هو إلا مؤشر على بداية النهاية لفجر ربيع عربي لم يبزغ بعد.