أثارت الطريقة الوحشية التي قتل بها تنظيم داعش الطيار الأردني معاذ الكساسبة ردود فعل مختلفة في الشارعين العربي والإسلامي كشفت عن وجود كثير من مفاهيم "التوحش" كما سماها بعض الخبراء ومتخصصي العلوم الاجتماعية.
ويعود التوصيف إلى كتاب لمتطرف اشتهر باسم أبي بكر ناجي، "إدارة التوحش"، ترجمته وزارة الدفاع الأميركية للغة الإنجليزية بعد أن عثرت المخابرات الأميركية على وثائق ورسائل موجهة من وإلى بن لادن تشمل فصولاً منه.
وإذا كان كثير من الباحثين يعيد صعود العنف والتطرف الديني إلى هزيمة العرب أمام إسرائيل عام 1967، فإن مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د. نبيل عبد الفتاح يضيف إلى ذلك أن "الهزيمة الحضارية أمام تقدم الغرب هي ما أدى للاعتصام بالدين كهوية".
ويشير إلى أن الأسباب المؤدية لذلك هي"الانحرافات في تشكيل الوعي والعقيدة على أيدي جماعات مثل الإخوان التي جعلت محاكمات الستينيات في مصر بعضهم يتبنى العنف مثل الشيخ علي إسماعيل وشكري أحمد مصطفى".
تبرير وإلحاد
ولوحظ أن أحدا من جماعات الإسلام السياسي، خاصة جماعتهم الرئيسية "الإخوان"، لم يدن بوضوح ما فعلته داعش بل إن أحد رموز إخوان الأردن رفض ضغط مراسل تلفزيوني أن يصف داعش بالإرهاب قائلا في النهاية "كلنا إرهابيون".
وذهب كثير من أنصار الإخوان والجماعات الدائرة في فلكها إلى تبرير إرهاب داعش وحتى وحشية حرق أسير حي.. مذكرين بأمثلة تاريخية و"شرعية".
ويستبعد د. نبيل عبد الفتاح، وهو خبير بحركات الإسلام السياسي، أن تشهد المنطقة توجها من الإسلام يماثل موقف الأوروبيين من الكنيسة بعد عصور الظلام التي كانت تهيمن فيها على الحياة العامة.
لكنه يشير إلى أن المنطقة تشهد تناميا لموجة إلحاد "بالتحول عن الدين الإسلامي، مثلما في المغرب والجزائر"، مضيفا أن "المرجح أن نشهد مراجعات حول علاقة الدين بالحياة المجتمعية، وهو اتجاه يبرز لدى الطبقة الوسطى كما نشهد في تونس ومصر وغيرها".
ويضرب مثالا بالموقف من "قضايا المرأة والحقوق الأساسية"، وكيف أن "قطاعات واسعة بدأت ترى أن تدخل الدين في السياسة يؤدي إلى تخلف واعتداء على الحقوق".