أعلنت السلطات الليبية مساء السبت أنها قررت حل جميع الميليشيات والمجموعات المسلحة غير الخاضعة لسلطة الدولة، وذلك غداة تمرد سكان مدينة بنغازي، معقل الثورة ضد نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، على الميليشيات.
وقال رئيس الجمعية الوطنية الليبية محمد المقريف، وهو يتلو بياناً في بنغازي: "تقرر حل جميع الكتائب والتنظيمات المسلحة التي لا تخضع لسلطة الدولة"، وفقاً لما نقلته فرانس برس.
ويأتي هذا التطور بعد وقت قصير على إعلان مجموعتين مسلحتين في مدينة درنة، شرقي ليبيا، حل نفسيهما وإخلاء خمس قواعد عسكرية كانت خاضعة لسيطرتهما، كما أفاد سكان محليون.
وكانت جماعة "أنصار الشريعة" الإسلامية في ليبيا أعلن في وقت سابق السبت أنها أخلت قواعدها في بنغازي للحفاظ على أمن المدينة.
وقال المتحدث باسم أنصار الشريعة يوسف الجهاني إن قائد الميليشيا أعطى تعليماته للأعضاء بإخلاء قواعدهم وتسليمها لسكان بنغازي، مضيفاً أن الجماعة تحترم وجهة نظر سكان بنغازي ولذلك أخلت القواعد للحفاظ على الأمن.
وبعد انسحاب أنصار الجماعة من آخر قاعدة رئيسية لهم في بنغازي، هاجم مئات المتظاهرين، بينهم عدد كبير من المسلحين، المقر العام لكتيبة "راف الله السحاتي"، وهي مجموعة ذات توجه إسلامي تابعة لوزارة الدفاع.
ودارت معارك بالأسلحة الخفيفة والصواريخ بين الطرفين لمدة ساعتين، قبل أن تقرر الكتيبة إخلاء المكان.
وهاجم المتظاهرون هذا المقر العسكري الواقع في مزرعة بمنطقة الهواري، 15 كلم من وسط بنغازي، ونهبوا الأسلحة والذخائر ومعدات المعلوماتية.
وفي وقت سابق، غادر عناصر "أنصار الشريعة" الذين اتهموا بمهاجمة القنصلية الأميركية، الثكنة التي احتلها مئات من سكان بنغازي كانوا يتظاهرون احتجاجا على "ميليشيات خارجة عن القانون".
وعلى وقع هتافات "دم الشهداء لن يذهب هدرا"، دخل المتظاهرون الثكنة التي تعرضت للتخريب والحرق.
وجاء هذا التطور في اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن مقتل 6 من أفارد الأمن الليبي بعد أن تمت "تصفيتهم"، على ما يبدو، أثناء المواجهات التي وقعت الجمعة في بنغازي بين متظاهرين وكتيبة تابعة لوزارة الدفاع، بحسب ما أعلن السبت مصدر طبي لوكالة "فرانس برس".
وقال المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، وأكد حصيلته مسؤول في النيابة: "بالنظر إلى طبيعة الإصابات، فمن الواضح أن الستة تمت تصفيتهم"، مضيفا أن أربعة منهم أصيبوا برصاصات في الرأس واثنان في الصدر والرأس.
وأوضح مصدر طبي ليبي لوكالة "فرانس برس" إن 4 أشخاص قتلوا، وأصيب 20 آخرون. واقتحم عشرات المتظاهرين العديد من قواعد الجماعة في اجتياح منسق من قبل الشرطة والقوات الحكومية وناشطين، بعد مظاهرة جماهيرية ضد وجودها في مدينة بنغازي.
وتأتي هذه التطورات غداة تنظيم حفل تأبيني في العاصمة طرابلس للسفير الأميركي كريس ستيفنز والموظفين الثلاثة الأميركيين الذين قتلوا في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، خلال الاحتجاج على فيلم مسيء للإسلام.
ونظم آلاف الليبيين مسيرة في بنغازي الجمعة دعما للديمقراطية ومعارضة للميلشيات الإسلامية التي تلقي الولايات المتحدة عليها باللائمة في الهجوم على القنصلية الأميركية.
ودعت مظاهرة "يوم إنقاذ بنغازي" الحكومة إلى تفكيك الجماعات المسلحة التي رفضت التخلي عن سلاحها بعد نجاح الانتفاضة الليبية بدعم من حلف شمال الأطلسي، في الإطاحة بمعمر القذافي العام الماضي.
وتوجه المتظاهرون إلى الساحة الرئيسية، حيث كانت في انتظارهم مظاهرات مضادة من بضع مئات من مؤيدي جماعة أنصارالشريعة الإسلامية.
وقال طالب الطب أحمد صنع الله (27 عاما): "هذا الاحتجاج هو بوضوح ضد الميلشيات. عليهم جميعا الانضمام إلى الجيش أو قوات الأمن كأفراد لا جماعات. بغير ذلك لن يكون هناك ازدهار أو نجاح لليبيا الجديدة".
وعلى الرغم من أن المطالب الرئيسية للمتظاهرين لم تتطرق لهجوم القنصلية الأميركية، إلا أن الحادث أعطى السلطات دافعا قويا لحشد التأييد للحكومة.
وحمل بعض المتظاهرين لافتات بالإنجليزية تستهدف كاميرات وسائل الإعلام الأجنبية تقول "نطالب بالعدالة من أجل ستيفنز"، و"فقدت ليبيا صديقا".