يسود الشارع المصري جدل واسع بسبب "دعوات تحريض على اللاجئين السوريين والفلسطينيين المقيمين في البلاد"، وذلك بعد أن دعا عدد من الإعلاميين "المصريين للتصدي للجاليات العربية التي تتدخل في الشأن الداخلي للبلاد".
وكانت "حملة التحريض" كما سمتها مجموعة من الناشطين، تأججت عندما ظهر الإعلامي يوسف الحسيني على شاشة قناة "أون تي في" محذرا "السوريين الذين هربوا من بلادهم ليأتوا إلى مصر ويتدخلوا في شؤونها".
وحذر الحسيني السوريين الموجودين في مصر "من الوقوف إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين في تظاهراتها والمساهمة في إراقة الدم المصري"، مؤكدا أن المصريين "سيأخذون حقهم من هؤلاء السوريين بأيديهم دون انتظار تطبيق القانون".
من جهتها، تقدمت مجموعة قنوات “أون تي في” باعتذار رسمي إلى اللاجئين السوريين عما فهم أنه نوع من التحريض، وأكدت عبر حسابها الرسمي على تويتر "اعتزازها وتقديرها لثورة الشعب السوري".
أما الحسيني، فظهر في حلقة لاحقة "ليؤكد أنه لم يقصد كل السوريين الموجودين في مصر، وإنما فقط الذين يقفون إلى جانب الإخوان في تظاهراتهم".
وتابع: "أعترف أن كلامي كان قاسيا وسوقيا، ولكن ليس عنصريا لأنني بدأت حديثي بالترحيب بجميع الجاليات العربية وغير العربية داخل مصر، ومارفضته خلال حديثي ومازلت أرفضه هو تدخل بعض أبناء الجالية السورية في شؤون مصر الداخلية".
كما ظهر الإعلامي عمرو أديب في برنامجه وهاجم فلسطينيين داخل مصر، متهما إياهم بالانتماء إلى جماعة حماس ومساندتهم الإخوان المسلمين في اشتباكات مع مدنيين مصريين.
وانهالت ردود الفعل الداخلية والخارجية على التصريحات الإعلامية التي هاجمت سوريين وفلسطينيين في مصر، إذ قال محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري للشؤون الخارجية، في تغريدة على موقع تويتر: "إلى كل عربي في مصر: أهلا بك ومرحبا ضيفا عزيزا مكرما في قلب العروبة".
بينما علق متابعي البرادعي على هذه التغريدة بضرورة اتخاذ خطوات تلغي قرار التأشيرة المفروضة على السوريين وتمنع الحملات الإعلامية "المغرضة".
وكانت مصر غيرت سياستها بالنسبة لدخول السوريين إلى أر اضيها، مطالبة إياهم بالحصول على تأشيرة وتصريح أمني قبل وصولهم إلى البلاد، في "إجراء مؤقت نتيجة للاضطرابات الحالية بالبلاد"، حسب ما ذكرت وزارة الخارجية المصرية على صفحتها في فيسبوك.
وقالت ممثلة منظمة هيومان رايتس ووتش في مصر هبة مورايف لسكاي نيوز عربية إن المنظمة "ترصد وضع السوريين في مصر وتتابعه باهتمام".
جاء ذلك بعد أن أصدرت المنظمة الحقوقية بيانا يدعو الحكومة المصرية "للسماح لأولئك الفارين من سوريا بالوصول إلى وكالة الأمم المتحدة للاجئين لكي تدرس طلباتهم باللجوء بشكل صحيح، والسماح للسوريين المسجلين فعلا لدى الوكالة الأممية بدخول البلاد بعد قضائهم فترات في الخارج".
وأضافت أنه "بموجب القانون الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا يمكن للحكومة المصرية أن تعيد أي شخص إلى مكان يهدد حياته أو حريته أو يتعرض فيه لخطر معاملة لا إنسانية".
كما دانت 9 منظمات حقوقية مصرية تصاعد الخطاب التحريضي ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين داخل مصر، ولجوء بعض الإعلاميين "لنشر أخبار ومعلومات مغلوطة تثير الكراهية ضد الشعب الفلسطيني".
ويضم هذا البيان كلا من مركز هشام مبارك للقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومؤسسة المرأة الجديدة، والمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، ومركز"حابى" للحقوق البيئية، ومركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية "أكت"، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف.
من جهته، قال نائب رئيس مجلس الوزراء المصري المكلَف، زياد بهاء الدين، على صفحته في فيسبوك: "مصر قلب العروبة، إذا كنا مقتنعين بذلك فعلينا أن نعرف أن هذا ليس وصفا بلاغيا بل مسؤولية قومية، وجانب من هذه المسؤولية يعني أن مصر ترحب بكل أبناء الوطن العربي وتمنحهم الأمان في ظروفهم الصعبة".
وأوضح بهاء الدين أن السبب الذي دفعه لكتابة هذه الكلمات هو "الحالة العدائية المنتشرة في الإعلام والرأي العام ضد أشقائنا العرب خاصة من سوريا وفلسطين كما لو كانوا جميعا جهاديين جاؤوا إلى مصر لحمل السلاح وترويع المواطنين أو لمساندة تيار سياسي معين".
وتابع: "المسألة بسيطة إذا كان هناك فلسطينيون وسوريون وغيرهم يحملون السلاح داخل مصر فلينطبق عليهم القانون بكل صرامة ولكن أن يتحول الأمر إلى توجس من كل فلسطيني وسوري جاء إلينا، فهذا لا يليق بنا ولا بمصر العروبة".
أما الباحثة مصرية ريم سعد فردت على تصريحات الإعلامي يوسف الحسيني بالقول: "ما قاله الحسيني يستوجب الاعتذار للمشاهدين لأنه لا يختلف عما رفضناه من فرز وتكفير وتجارة بالدين، ولكن الأهم من ذلك هو ضرورة الاعتذار لأشقائنا السوريين".
ودعت سعد الحكومة الجديدة إلى "إلغاء كل القيود المفروضة على حركة وحرية أشقائنا السوريين والفلسطينيين"، مشيرة إلى أنه "إن كان هناك بالفعل سوريون شاركوا إلى جانب الإخوان في تظاهراتهم فهناك أيضا مصريون يشاركون في الاشتباكات بسوريا".
من جهته، هاجم الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، الحسيني بقوله "أنت رجل مؤسف وأنا حزين لأجلك، من أين تأتي بكل هذه العنصرية".
وأضاف في تغريدة على تويتر: "إن الخط الصهيوني في الإعلام المصري يبدع في التحريض على كراهية الشعبين الفلسطيني والسوري".
بينما أكد الفنان عمرو واكد، في تغريدة له، أن "السيئة لا تعم شعبا بأكمله"، مؤكدا أن هناك "مصريين أيضا ذهبوا إلى سوريا لقتل السوريين تلبية لنداء الجماعات الجهادية".