أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله الخميس، أن الولايات المتحدة "مازالت ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة"، وأن "الشعب الفلسطيني يستحق نهاية للاحتلال والانتهاكات اليومية، كما يحق لهم التنقل بحرية".
وقال أوباما إن الفلسطينيين يستحقون دولة خاصة بهم وأن تحترم حقوقهم وأن يكون غدهم أفضل من يومهم، مشددا على التزام أميركا بتحقيق رؤية الدولتين وضرورة أن تكون هناك دولة فلسطينية وإسرائيلية تنعمان بالسلام والاستقرار.
وأضاف أنه لم ير تقدما في الضفة الغربية منذ زيارته الأخيرة إلى رام الله قبل 5 سنوات، وأشاد بالسلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وجهود بناء المؤسسات، معتبرا أن هذه المؤسسات ستكون أساس السلام والاستقرار.
وقال أوباما إن استمرار النشاط الاستيطاني "لا يدفع السلام قدما" وأن مشروع مستوطنة "إي1" لا يتفق مع حل الدولتين، مشددا على أن إدارته ستبذل "كل جهد لجسر الهوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف المفاوضات"، وأن وزير خارجيته جون كيري سيعمل على ذلك، ومشيرا إلى أن واشنطن ستقدم المزيد من المساعدات للشعب الفلسطيني.
وحمل أوباما حركة حماس مسؤولية انتهاك وقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة الذي وقع الخميس، وقال إن حماس لا تريد التخلي عن العنف.
من ناحيته، قال عباس لأوباما إن السلام لا يمكن تحقيقه من خلال المستوطنات وأن السلام مع إسرائيل لا يمكن تحقيقه من خلال العنف أو الاحتلال أو المستوطنات أو الاعتقالات أو حرمان حقوق اللاجئين.
وأضاف: "بالتأكيد لن يصنع السلام مع الاحتلال والاستيطان وإنكار حقوق اللاجئين"، وأن للاستيطان نتائج "كارثية" على عملية السلام، معربا عن التزام الفلسطينيين بتحقيق السلام وبالمعاهدات الدولية وقرارات الشرعية الدولية لتوفير متطلبات السلام.
وقال الرئيس الفلسطيني إن "فلسطين قطعت شوطا طويلا في صنع السلام ونحن جاهزون لتنفيذ التزاماتنا"، مشددا على أن "صنع السلام يتطلب تجسيد النوايا الحسنة والاعتراف بحقوق الشعوب".
وأوضح عباس: "شعبنا يتطلع لأبسط حقوقه في الحرية والاستقلال والسلام وأن يمارس حياته بشكل طبيعي فوق أرضه فلسطين على حدود الرابع من حزيران 67 وأن اصمتها القدس".
أوباما في رام الله
وكان أوباما وصل إلى رام الله بالضفة الغربية الخميس لإجراء محادثات مع عباس حول ملف السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وفي الأثناء أعلن عباس إدانته للعنف ضد المدنيين أيا كان مصدره، بما في ذلك إطلاق الصواريخ.
وجرت مراسم استقبال رسمية لأوباما الذي اصطف كبار مسؤولي السلطة الفلسطينة لتحيته.
وفي غزة قال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية "إن السياسة الأميركية تكرس الاحتلال الإسرائيلي وتشرع الاستيطان"، وذلك تعليقا على زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة.
وأضاف: "لا نرى في السياسة الأميركية عاملا مساعدا على إنهاء الاحتلال وإنما تكريسا له وتشريعا للاستيطان والاستسلام تحت شعار السلام".
وتابع: "لا نتوقع من زيارة أوباما أي اختراق يغير المعادلة السياسية على الأرض"، لافتا إلى أنه "على السلطة الفلسطينية أن تدرك أن مستقبلها مرهون بمدى التزامها بالثوابت الوطنية وإنجاز المصالحة الراسخة".
وشدد هنية على رفضه "المسعى لتنصيب إيران عدوا للعرب بدلا من إسرائيل رغم الاختلاف معها حول بعض الملفات".
إطلاق صاروخين من غزة على جنوب إسرائيل
وتزامنت هذه التصريحات مع إطلاق صاروخين من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، وذلك تزامنا مع أول زيارة رسمية للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل منذ توليه السلطة في الولايات المتحدة.
ودمر صاروخ الفناء الخلفي لأحد المنزل ولكن لم ترد أي أنباء عن وقوع إصابات، كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها.
يذكر أن آخر عملية إطلاق صواريخ من غزة على إسرائيل تعود إلى 26 فبراير عندما انفجر صاروخ بالقرب من عسقلان بجنوب إسرائيل.
وكان هذا أول صاروخ يتم إطلاقه منذ انتهاء عملية "عمود السحاب" التي شنتها إسرائيل ضد فصائل إسلامية في غزة.
وتوصلت إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة إلى اتفاق تهدئة بوساطة مصرية، دخل حيز التنفيذ في 21 نوفمبر، بعد ثمانية أيام من العمليات العسكرية.
وأدت العملية الإسرائيلية ضد المجموعات الفلسطينية المسلحة في غزة إلى مقتل نحو 177 فلسطينيا من بينهم أكثر من مائة مدني.
وقتل في المقابل ستة إسرائيليين بينهم جندي في إطلاق صواريخ من قطاع غزة.
عباس يدين العنف
دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس العنف بما في ذلك إطلاق صواريخ من قطاع غزة.
وقال عباس في تصريح نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا": "نحن ندين العنف ضد المدنيين أياً كان مصدره بما في ذلك إطلاق الصواريخ."
وأضاف عباس: "ونحن مع تثبيت التهدئة المتبادلة والشاملة في قطاع غزة."
هذا ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل حتى الآن.
شورى المجاهدين تتبنى إطلاق الصواريخ
من ناحية ثانية، أعلنت جماعة "سلفية" مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ من قطاع غزة على بلدة إسرائيلية حدودية أثناء زيارة أوباما للمنطقة.
وقالت الجماعة السلفية التي تدعى مجلس شورى المجاهدين في بيان نشر على الإنترنت إنها أطلقت الصواريخ "لإثبات أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية لا تستطيع وقف الهجمات على إسرائيل خلال زيارة أوباما".
حماس لأوباما: المقاومة الطريق الوحيد
وفي غزة، سارعن حركة حماس للرد على تصريحات أوباما وأعلنت أن "المقاومة" هي الطريق الوحيد لحل القضية الفلسطينية.
وقال القيادي في حماس صلاح البردويل في بيان "نحن في حركة حماس نؤكد على أن الطريق الوحيد لحل القضية هي ممارسة حقنا في المقاومة حتى تحرير الأرض وتقرير المصير وعودة اللاجئين والإفراج عن الأسرى".
وأضاف البردويل وهو ناطق باسم الحركة أن "خطاب أوباما في مؤتمره (الصحفي) برام الله كان خطابا إنسانيا بدا فيه كمحلل سياسي فاشل يتملص من الإجابات الحاسمة".
وتابع أن أوباما "لم يلتزم للفلسطينيين بأية استحقاقات قطعها على نفسه سابقاً، وهي محاولة لإجبار السلطة على مفاوضات مباشرة ثنائية مع إسرائيل دون أية مرجعيات".
وقال إن أوباما "أدان المقاومة وبرأ العدوان الصهيوني وادعى دعمه لقطاع غزة ونحن نرى أن دعمه كان واضحاً من خلال القنابل الفسفورية وطائرات إف 16 والأباتشي الأميركية وصواريخها التي أهديت لأطفال غزة وبيوتها وعائلات بأكملها أبيدت".
تباين فلسطيني حول زيارة أوباما لرام الله
وتترافق زيارة اوباما إلى رام الله مع أجواء عامة يغلب عليها التشاؤم، وعدم توقع الكثير منها، فيما يتعلق بإمكانية تحقيق تقدم في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
ومنذ أعلن عن زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة، بدأت تخرج مظاهرات احتجاجية على زيارته وعلى سياسته المؤيدة لإسرائيل.
وتزايدت حدة المظاهرات تدريجياً وامتدت لتشمل العديد من المدن، وإن كانت أعداد المتظاهرين فيها قليلة نسبياً، فخرجت مظاهرات في قطاع غزة وفي الخليل ورام الله في الضفة الغربية.
وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات لشباب فلسطينيين يعبرون فيها عن آرائهم في زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لرام الله.
وتضمنت التعليقات، بعض الأغاني التي تشرح صعوبة الحياة تحت الاحتلال، ولافتات تطالب أوباما بعدم إحضار هاتفه الذكي لعدم سماح اسرائيل بشبكات الجيل الثالث من الجوال في الأراضي الفلسطينية، بينما حاول بعض المتظاهرين إيصال رسالة لأوباما بأغنية تصف الوضع الفلسطيني تحت الاحتلال.
كما انتشرت رسوم كاريكاتيرية تظهر التزام أوباما بحماية إسرائيل وأمنها، وحمل البعض يافطات حملوه فيها مسؤولية دماء الفلسطينيين، وأحرق بعض الفلسطينيين العلم الأميركي، كما حدث في مظاهرة جرت في قطاع غزة.
وطالب بعض المتظاهرين أوباما بالعمل على الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، واستبق البعض زيارة أوباما بتذكيره بوجود أكثر من 4500 فلسطيني في السجون الإسرائيلية.