حالة من الحزن سيطرت على أهالي مدينة شربين، بمحافظة الدقهلية، شمال شرق مصر، الاثنين، أثناء تشييع جنازة الإعلامي الراحل، وائل الإبراشي، الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 58 عاما، بعد معاناة مع فيروس كورونا.
وتوافد عدد كبير من أهالي مدينة شربين في محافظة الدقهلية، ومحبي الإبراشي لحضور صلاة الجنازة والدفن.
وكانت عائلة الإبراشي قد أعلنت تشييع الجثمان من مسجد سيدي سالم أبو الفرج، والعزاء بميدان الشربيني أبو أحمد بمدينة شربين.
وعلى هامش الجنازة، عبر أهالي القرية التي وُلد بها الإبراشي عن مدى محبتهم للإعلامي الراحل، مشيرين إلى أنه كان دائم التواصل معهم، وأن الأضواء والشهرة لم تبدد رابطة الود بينهم.
وكان الراحل الإبراشي أصيب بفيروس كورونا منذ حوالي عام، وعانى مضاعفات شديدة في الجهاز التنفسي تسببت في ابتعاده عن الإعلام.
والإبراشي من مواليد محافظة الدقهلية عام 1963، وبدأ حياته المهنية محررا في مجلة "روزاليوسف"، وتدرج بعدها في العمل الإعلامي، كما قدم عددا من البرامج التلفزيونية كان من أشهرها "العاشرة مساء".
مسيرة طويلة في العمل الإعلامي
والإبراشي هو صاحب تجربة إعلامية مميزة، وقد اشتهر بانحيازه الدائم لقضايا الوطن رافعاً شعار "لا تحدثني عن الحياد إذا تعارض مع مصلحة الوطن". وكان يرى -كمال قال في أحد لقاءاته الإعلامية- أن "الإعلام يجب أن يساند الدولة، ولكن أيضاً لا يتخلى عن فكرة الانحياز للمواطن ومشاكله".
كانت برامج "التوك شو" التي يقدمها الإبراشي أشبه بمبارزة حوارية بالدرجة الأولى، إذ كان ضيوفه ومتابعوه على موعدٍ دائم مع وجبة حوارية دسمة مملوءة بالأسئلة غير المتوقعة أحياناً واختراق أدق التفاصيل وأجرأها، إذ لم يكن من السهل على ضيوفه هزيمته بالالتفاف على سؤالٍ أو التهرب منه. واشتهر بانفراداته وسبقه في عديد من القضايا المهمة والجريئة سواء في عمله الصحافي أو عبر برامجه المختلفة.
مدرسة إعلامية
نقيب الإعلاميين عضو لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس الشيوخ، النائب طارق سعدة، يشير إلى أن "الراحل كان على المستوى الشخصي شخصاً اجتماعياً متواصلاً مع الجميع، ويتمتع بعلاقات طيبة".
ويقول سعدة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الإبراشي "على المستوى المهني كان صاحب مدرسة استقصائية تحليلية للأخبار، وكان مُحاوراً مهنياً من طراز رفيع، أجاد مناقشة كل الموضوعات التي كان يطرحها من خلال برامجه المختلفة".
ويشير إلى أن الإعلامي الراحل وائل الإبراشي "دشن لمدرسة مزجت بين الصحافة والإعلام، أي جمعت بين ما يُكتب والصورة التي تُعبر عنه"، مردفاً: "فقد الوسط الإعلامي رجلاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كان خلوقاً طيباً مهنياً ومحترفاً".
لم يغير مبادئه
ومن جانبها، تقول الكاتبة الصحافية الإعلامية المصرية، فريدة الشوباشي، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الحزن كبير جداً على رحيل الإبراشي، مشيرة إلى أن "الساحة الإعلامية فقدت واحداً من ألمع وأنقى الإعلاميين".
وتلفت الإعلامية المصرية إلى أن "الإبراشي -ومن واقع معرفتها الشخصية به- كان من أنبل وأنقى الشخصيات (..) هو وطني محترم وكان طيلة حياته يدافع عن الحق كما يعتقده دون تهاون أو انحناء".
وتشير الشوباشي إلى أن "مصر مرّت بفترة صعبة إبان حكم تنظيم الإخوان الإرهابي، وقد لجأ البعض إلى تغيير سترتهم ومواقفهم السياسية، بينما الإبراشي كان من بين أولئك الذين واجهوا ولم يغير توجهه أبداً، فقد كان في منتهى الشرف والاحترام والأمانة والوطنية وانتصر لقضايا الوطن وهمومه".
وتلفت إلى أن رحيل الإبراشي في نفس يوم رحيل المستشارة تهاني الجبالي مثّل "خبطين في الرأس"، منتقدة في السياق نفسه تعليقات الشماتة التي ساقها نشطاء إخوان عبر مواقع ومنصات التواصل والتي تؤكد حقيقة التنظيم وأنصاره.
نجح الإبراشي في خلق قاعدة جماهيرية عريضة له، منذ تقديمه برنامج العاشرة مساءً خلفاً للإعلامية منى الشاذلي على قناة دريم، ونجح من خلاله في تقديم قضايا مثيرة وانفرادات مميزة جعلته يتمتع بنسب مشاهدة عالية، ليقدم بعدها عدة برامج "توك شو" مختلفة.
قضايا جريئة
وبدوره، يقول رئيس مجلس إدارة صحيفة المصري اليوم والرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، الدكتور عبد المنعم سعيد، لموقع "سكاي نيوز عربية" في شهادته عن الإبراشي، إن الإعلامي الراحل كان من أبرز إعلاميي جيله".
ويلفت المفكر المصري إلى أن الإبراشي مثل جزءاً من الإعلاميين الذين شكلوا جيلاً جديداً في الإعلام المصري، ونجح بشكل كبير في أن يجذب المشاهدين والمتابعين لبرامجه المختلفة، في إطار أسلوبه الخاصة والقضايا التي يناقشها ويفجرها بكل جرأة.
ويقول رئيس مجلس إدارة صحيفة المصري اليوم بالقاهرة، إن برامج الإبراشي تميزت بالجرأة الشديدة، وكان إنساناً مخلصاً للمهنة والمهمة التي عليه أن ينجزها، وقد مثل رحيله خسارة للإعلام المصري.
الإبراشي -وهو من مواليد مدينة شربين بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة) في العام 1963- اشتهر بانفراداته وسبقه الصحافي في عديد من القضايا الشهيرة، والتي وجدت صدى واسعاً وردود أفعال مختلفة، الأمر الذي دفعه لمواجهة عشرات من قضايا النشر الشهيرة في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.
من أشهر برامجه برنامج "العاشرة مساءً" الذي قدّمه خلفاً للإعلامية منى الشاذلي، وبرنامج "الحقيقة" و"كل يوم". وكان آخر برامجه برنامج "التاسعة" على القناة الأولى الرسمية التابعة للهيئة الوطنية للإعلام في مصر، والذي توقف عن تقديمه بعد إصابته بكورونا في ديسمبر 2020.
بدأ الراحل مسيرته في عالم الإعلام كمحرر بصحيفة روز اليوسف العريقة، وصحيفة صوت الأمة، وقد ترأس تحرير الأخيرة في العام 2006. وفي العام 2013 تولى رئاسة تحرير صحيفة الصباح، قبل أن يتفرغ لبرامجه التليفزيونية.