في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بعد التطورات الأخيرة في سوريا، ناقشت "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، موقف الحكومة العراقية من هذه التوترات.
وتناول النقاش الضغوط الإيرانية، ودعوات النأي بالنفس من مقتدى الصدر وأبو محمد الجولاني، ومحاولات بغداد تحقيق توازن سياسي وسط أزمات المنطقة.
واستضافت الحلقة الباحث السياسي عائد الهلالي لتحليل أبعاد هذه التحولات.
دعوات للنأي بالنفس
استعرض البرنامج تصريحا لزعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، الذي دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى منع قوات الحشد الشعبي من التدخل في سوريا، مؤكدًا أن المواجهات في الشمال السوري لن تمتد إلى الأراضي العراقية.
من جانبه، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة العراقية إلى النأي بالنفس عن الصراع السوري، مشددًا على أن العراق يجب أن يركز على استقراره الداخلي.
الموقف الرسمي
أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، أن بغداد ملتزمة بعدم السماح بتحرك أي قوات عراقية نحو سوريا، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على تأمين الحدود الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر لمنع التسلل.
كما أشار إلى أن العراق مستعد للمساهمة في أي حلول سياسية للأزمة السورية، معبرًا عن أمله في أن تتبلور حلول سلمية خلال الأيام المقبلة.
الضغط الإيراني
بحسب مصادر سياسية عراقية، تسعى إيران لدفع بغداد نحو التدخل عسكريا في سوريا، من خلال إعادة إحياء غرفة العمليات الرباعية المشتركة بين إيران، سوريا، روسيا، والعراق. يأتي ذلك بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بغداد، حيث يرافقه وزير الخارجية السوري لعقد قمة ثلاثية تناقش الأوضاع السورية.
رؤية بغداد
أكد الهلالي، خلال مشاركته في البرنامج، أن الحكومة العراقية تعتمد خطابًا واضحًا يرفض التدخل العسكري في سوريا، مشيرًا إلى أن العراق يسعى إلى الحفاظ على استقلال قراره السياسي والأمني.
وأضاف أن العراق يدرك تمامًا مخاطر التورط في أزمات المنطقة، خاصة بعد سنوات طويلة من الحروب والصراعات التي استنزفت قدراته.
وقال الهلالي: "العراق اليوم يمتلك قرارًا سياسيًا مستقلًا، ونرفض أن نكون جزءًا من أي محاور إقليمية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. دورنا هو تأمين حدودنا، وتجنب الانخراط في صراعات لا تخدم المصلحة الوطنية".
رسائل قوية لإيران
وفيما يتعلق بمحاولات إيران الضغط على حكومة السوداني لدفعها نحو التعاون العسكري في سوريا، أوضح الهلالي أن بغداد تتخذ خطوات حاسمة لضمان سيادتها.
وأشار إلى أن التقارب العراقي مع الدول العربية والإقليمية ساعد في تعزيز موقف العراق، مما قلل من تأثير الضغوط الخارجية.
وأضاف: "اليوم، العراق يشكل عنصر استقرار في المنطقة. لدينا علاقات متينة مع دول الجوار، ونرفض أن نكون طرفًا في أي نزاعات إقليمية، بما في ذلك سوريا".
هل يتغير ميزان القوى في المنطقة؟
وحول مدى تأثير هذه المواقف على خارطة النفوذ الإيراني في المنطقة، خصوصًا مع الحديث عن "تحرر" العراق من السيطرة الإيرانية التي طالما استغلت الأوضاع السياسية الداخلية لتحقيق مصالحها، علّق الهلالي بأن العراق بدأ يستعيد سيادته تدريجيًا، معتمدًا على علاقات متوازنة مع المحيط العربي والدولي.
العراق لاعب محوري أم متجنب للأزمات؟
أجمع النقاش على أن العراق بات يعتمد سياسة النأي بالنفس، مؤكدًا على أهمية تعزيز استقراره الداخلي بدلًا من التورط في صراعات إقليمية. وبينما تسعى إيران لدفعه نحو أدوار أكبر في الأزمة السورية، يبرز موقف بغداد كعامل استقرار جديد في المنطقة، مع تركيزها على تقوية سيادتها الوطنية والحفاظ على أمنها.