واشنطن والرياض على مشارف إبرام صفقة تاريخية.. صفقة من شأنها إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط؛ لكن حجر العثرة الذي يقف أمام تحقيق هذا المسعى هو تل أبيب، هذا ما جاء في تقرير لصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية.
وبحسب الصحيفة فإن التطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل لن يتم ما دامت حرب غزة مستمرة وما لم يقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقديم تنازلات.
وترى الصحيفة أن هذا الاتفاق سيمهد لحل عدة أزمات أولها وقف التصعيد في غزة وتطبيق حل الدولتين كما وسيمنح هذا التطور إنجازا كبيرا للرئيس الأميركي جو بايدن الذي يلعب دور الوسيط قبيل انتخابات حاسمة.
وفي هذا السياق، يذكر إيهود يعاري، محرر الشؤون العربية في القناة الإسرائيلية الثانية، خلال حواره مع غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية"، أن إبرام هذا الاتفاق في ظل الإدارة الحالية يعتبر أمراً صعباً.
وأشار إلى أن الانتخابات المقبلة باتت وشيكة وأنه ما لم يتم تحقيق وقف إطلاق النار في غزة فإن الحديث عن تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل لا يزال يشوبه الخلاف حول تصور هذه العلاقة.
وأضاف يعاري:
- من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق تطبيع خلال العام الحالي، بل من المحتمل أيضاً تأجيل تحقيق ذلك لعدة سنوات قادمة ريثما تتضح هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
- من غير الممكن إبرام الاتفاق الدفاعي بين الولايات المتحدة وإسرائيل حيث لم يتبقَ سوى أشهر قليلة حتى موعد الانتخابات. وينطبق الأمر ذاته على اتفاقية التعاون النووي السلمي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
- لا يوجد وقف لإطلاق النار في غزة حاليًا، ولا عملية إطلاق سراح الرهائن جارية؛ وذلك لأن يحيى السنوار رفض هذا الإجراء قبل رئيس الوزراء نتنياهو.
- لا يمكن لرئيس الوزراء نتنياهو المضي قدمًا نحو حل الدولتين طالما أنه يعتمد على دعم الأحزاب اليمينية في الكنيست التي تعارض قيام دولة فلسطينية.
- وعلى الرغم من تأييد نتنياهو سابقاً لمبدأ الدولتين، وكذلك دعم الأغلبية الإسرائيلية لهذا الحل، فإن السلطة الفلسطينية مطالبة بوقف الأعمال العدائية وتنفيذ إصلاحات جوهرية تشمل مكافحة الفساد والمحسوبية.
- المساعي نحو التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل ستستمر بعد الانتخابات الأميركية، بغض النظر عن هوية الرئيس المقبل.
- ستكون الحكومة الإسرائيلية، سواء تحت قيادة نتنياهو أو قيادة شخصية أخرى، على استعداد لقبول هذا الاتفاق. نظرا لوجود مصلحة مشتركة لكلا الطرفين، الإسرائيلي والسعودي.
ويؤكد الدبلوماسي السابق السفير مسعود معلوف، أن إبرام أي اتفاق في الوقت الراهن هو أمر بالغ الصعوبة، خاصةً وأن مجلس النواب الأميركي قد أشار إلى أن أي اتفاق ثنائي يمكن أن يعقده الرئيس بايدن مع السعودية لن ينجح إذا لم يكن هذا الاتفاق مرتبطًا باتفاق سعودي إيراني وأن هذا الامر يمثل سببًا إضافيًا دون إقامة مثل هذا الاتفاق بين الولايات المتحدة والسعودية.
- حاجة الرئيس بايدن الماسة لتحقيق كل انتصار ممكن في هذه المرحلة، حيث يسعى إلى إحراز تقدم بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وتعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومعالجة القضايا القائمة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان وغيرها من الملفات.
- لم يحقق الرئيس بايدن حتى الآن إنجازات ملموسة تساهم في تحقيق انتصار ملحوظ، وإن كان محدوداً، قبل موعد المناظرة المرتقبة مع الرئيس السابق دونالد ترامب في السابع والعشرين من الشهر الجاري.
- الظروف المحيطة بالرئيس بايدن ليست مواتية سواء مع المملكة العربية السعودية أو مع إسرائيل، وكذلك مع الجاليات العربية والأميركية الإسلامية في الولايات المتحدة. وعليه، فإن الأمور لا تزال معقدة بالنسبة له. ومن المتوقع أن تتفاقم هذه التعقيدات إذا لم يتمكن من تحقيق أي تقدم في العلاقات التي تربط بلاده بالمملكة العربية السعودية.
- يجد بايدن نفسه في موقف معقد قبيل الانتخابات النصفية المقرر انعقادها بعد أربعة أشهر ونصف؛ ومن الضروري الانتظار لمعرفة ما إذا كان سيتمكن من اتخاذ قرارات استراتيجية وتحقيق النجاحات اللازمة لتعزيز فرصه الانتخابية المقبلة.
- إذا تم انتخاب وعودة الرئيس ترامب إلى الرئاسة، يستدعي الأمر التذكير بمواقفه الأولى المؤيدة لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، حيث ألغى الوجود الفلسطيني واعترف بمرتفعات الجولان السورية كأرض إسرائيلية. كما تخلى عن مشروع حل الدولتين.
- أعاد الرئيس بايدن منذ توليه الرئاسة في بداية عام 2021، التأكيد على أهمية حل الدولتين وأدخل العديد من التغييرات على السياسات باستثناء اتفاقات أبرهام التي يسعى إلى توسيعها. ورغم حديثه المتكرر عن إنشاء دولة فلسطينية كجزء من حل الدولتين، إلا أن الرئيس بايدن لم يتخذ أي إجراء عملي حتى الآن في هذا الاتجاه.
- الرئيس بايدن لا يستطيع ولم يستطيع حتى الآن إرغام نتنياهو على القبول بحل الدولتين وبإقامة دولة فلسطينية
ومن جانبه، يصرح الباحث في العلاقات الدولية، سالم اليامي، بأن المقال الذي نشرته الصحيفة يحتوي على كثير من الحقائق بشأن وجود صفقة شاملة يجري الحديث عنها بشكل واسع والتي تشمل تحديداً المملكة العربية السعودية وموقفها من مسار السلام العربي الإسرائيلي نظراً لأهمية الصفقة بالنسبة لجميع الأطراف المعنية.
- تم تكثيف الجهود الأميركية، خصوصاً من قبل الإدارة الحالية خلال الأشهر أو العامين الماضيين، بهدف تحقيق تقدم ملموس في ملف التطبيع. إلا أن العقبة الرئيسية أمام تحقيق هذا الهدف كانت العراقيل التي يضعها الجانب الإسرائيلي.
- لا يرغب الجانب الإسرائيلي، خاصة بعد الحرب الأخيرة في غزة، في تقديم أي تنازلات. بل أصبح أكثر تشددًا حتى فيما يتعلق بالقضايا المدانة عالميًا مثل وقف قتل المدنيين والاعتداءات عليهم.
- المنطقة بحاجة ماسة لحلّ مستدام، ولكن دون تقديم التنازلات المعتادة لإسرائيل. إذا لم يكن هناك تقدم حقيقي تجاه السلام العربي الإسرائيلي متضمنًا إقامة دولة فلسطينية وإيقاف الاستيطان وإنهاء الاحتلال فإن الأمور لن تتقدم للأمام.
- إسرائيل تُظهر قدراً محدوداً من المرونة في عملية السلام، نتيجة لتعاقب الاتفاقات السابقة مع الدول العربية والتي اتسمت بتبادل الشروط وضغوط أمريكية أكبر على الأطراف العربية مقارنة بإسرائيل.
- تغير الوضع في الوقت الحالي وأصبح إنشاء الدولة الفلسطينية هو محور النقاش معلنة عن انتهاء عصر السلطة التقليدية مما يستدعي تبني شكل جديد لإدارة دولة الاحتلال.
- تتسم القضية الفلسطينية بتعقيدات متعددة، سواء على الصعيد الإسرائيلي العربي أو الأميركي. وقد شهدنا مؤخرًا محاولات لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة ودول عربية، بما في ذلك الاتفاقيات الأخيرة مع المملكة العربية السعودية التي تثير اهتمام الجميع.
- تتميز العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية بتاريخ طويل واستراتيجيات وتحالفات قديمة، حيث يسود الثقة المتبادلة بين الجانبين. وتعبّر المملكة عن استعدادها ورغبتها القوية في استمرار هذه العلاقة لما لها من أفضلية على أي بديل آخر، لا سيما في المستقبل المنظور.
- عملية السلام والتطورات الجارية حالياً في المنطقة تعكس نجاحاً جزئياً. فالعلاقات السعودية الأمريكية، شهدت تقدماً ملحوظاً وقد يتم الإعلان عن تطورات مهمة قريبًا قد تغير مجرى النجاح.
- المملكة العربية السعودية والمبادرة العربية للسلام التي تم طرحها في عام 2002، لا تقدم متطلبات خارجة عن قدرة إسرائيل أو تُلزمها بما هو غير ممكن. بل تعرض حلاً لإسرائيل.
خلال حديثه مع غرفة الأخبار، أفاد الوزير السابق أشرف العجرمي بأن السياسات غير السليمة والإدارة الخاطئة التي انتهجتها الإدارة الأميركية في التعامل مع الصراع في المنطقة كانت السبب الرئيسي وراء هذا الفشل. وأكد أنه، حتى لو لم تقع أحداث السابع من أكتوبر، فإن إسرائيل لم تكن لتوافق على فكرة إنشاء دولة فلسطينية وهو المطلب السعودي الرئيسي.
يجري الحديث عن صفقة تتضمن ثلاثة محاور أساسية:
- اتفاقية الدفاع: توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة.
- الاتفاق النووي: إنشاء قدرات نووية سلمية في المملكة العربية السعودية، تشمل تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها.
- مسار الحلول السياسية: بدء عملية سياسية تهدف بالنهاية إلى إقامة دولة فلسطينية وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل دائم.
- في حال اقدمت إسرائيل على الموافقة على المبدأ أو الفكرة السعودية، لكان من الممكن الاتجاه نحو تطبيع العلاقات معها.
- تشير الاستطلاعات الأخيرة في إسرائيل إلى وجود غالبية من الرأي العام والجماهير، بما في ذلك القوى السياسية خارج إطار الائتلاف الحاكم، تؤيد وقف الحرب مقابل الإفراج عن الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين.
- بإمكان الولايات المتحدة الأميركية ممارسة ضغوط على حكومة رئيس الوزراء نتنياهو، للمضي نحو وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع واجراء صفقة لتبادل الاسرى.
- تعاني الإدارة الأميركية من عدم القدرة على المضي قدمًا في إبرام صفقة بسبب السماح لإسرائيل بالتحرك بحرية تامة، مما يسهم في إفشال هذه القضية الهامة للغاية بالنسبة لكل دول المنطقة.
- أحداث السابع من أكتوبر تمثل درسًا قويًا وصريحًا لكافة الأطراف الدولية والإقليمية، خاصة إسرائيل التي سعت لتجاهل هذا الصراع. ورغم المآسي والكوارث التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، تحمل تلك الأحداث في طياتها فرصة مهمة على إسرائيل استغلالها.
- أمام المجتمعات خياران: إما تبني سلام عادل ومنصف يعترف به الشعب الفلسطيني وتقبله إسرائيل، أو مواجهة حالة من الحرب المستمرة التي تزداد ضراوة وعنفًا مع مرور الوقت.