تطل أزمة جديدة على اللبنانيين، خلال الفترة الأخيرة، بينما يتخبطون في سيل من الصعوبات والمعوقات على طاولة واحدة، وهذه المرة، يتعلق الأمر بتعليم أبنائهم، في ظل اقتراب بدء الموسم الدراسي.
يصر وزير التربية والتعليم العالي في لبنان، طارق المجذوب، على أن تكون العودة إلى المدارس للعام الحالي حضورية وليس عن بعد، ويستند إلى أن العديد من دول العالم خلال العام الماضي أقفلت كل مؤسساتها باستثناء المدارس والجامعات، وأعطت كل المساعدات للقطاع التربوي ليتمكن من الاستمرار في التعلم عن بعد، إلا في لبنان.
وتشير المعلومات الخاصة بـ"سكاي نيوز عربية " إلى أن الوزير طارق المجذوب يعتمد على دراسة للمركز التربوي للبحوث والإنماء وهو عبارة عن مطالعة جديدة عن تدريس المواد تتناسب مع الظروف الصعبة، سلمها المركز للوزارة، خفضت المنهاج وقلصت المواد في خطوة شبيهة بالتقليص الذي أجري للامتحانات الرسمية".
وتتوقع مصادر خاصة لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن يعلن وزير التربية اللبناني قريباً عن "ميني عام دراسي" أي أن التعليم سيكون بين 18 أسبوعاً و22 كحد أقصى، معتمداً على دور المنظمات الدولية والجهات المانحة ومفوضية اللاجئين لمساعدة وزارة التربية والتلامذة اللبنانيين لمواجهة الأزمة.
ويجري الرهان على دور المنظمات الدولية لأجل دعم العودة إلى الدراسة، وإعادة تأهيل المدارس وتأمين المستلزمات الأساسية للدراسة من قرطاسية وكتب، والمساهمة في دعم المعلمين بالتوازي مع المساعدات المخصصة للتلامذة اللاجئين، رغم أن هذا الأمر يحتمل الكثير من التأويل بسبب التعقيدات والفساد في مؤسسات كثيرة تابعة لوزارة التربية".
عودة صعبة
وقال رجل لبناني، أب لثلاثة أطفال، ببيروت، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن العودة إلى الدراسة لن تكون ممكنة قريبا، مضيفا أن الوزير يعيش بعيداً عن واقع البلاد ، "أنا مدرس أيضا، أدرس في القطاع الرسمي وأعرف أن عودة أكثر من مليون و300 ألف تلميذ في التعليم الرسمي والخاص لن تكون سهلة في ظل المأساة التي تعم البلاد ".
وتساءل مدير مدرسة خاصة في محافظة جبل لبنان "كيف يلبي الوزير مطالب العاملين في القطاع التربوي الرسمي والخاص الذين يبلغ عددهم حوالى 150 ألف إداري ومعلم في التعليم العام والمهني، ونحو مليون و300 ألف متعلم في التعليم العام والخاص، منهم نحو 160 ألفاً فوق 16 عاماً ، ما عدا التعليم الجامعي؟".
وقالت معلمة اللغة الإنجليزية، ريتا: "لست مستعدة للعودة الى المدرسة، دفعنا العام الماضي من جيبنا لإنجاح العام الدراسي، اشترينا الحواسيب بالأقساط وقوينا شبكة اشتراكات المولد للحفاظ على المستوى التعليمي اللائق، ولكن المعلم لا زال يقبض راتبه على سعر 1500 ليرة للدولار، ناهيك عن تفشي موجة جديدة من فيروس دلتا".
هجرة طلاب
وبدوره قال أستاذ السياسات والتخطيط المشرف على مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية ببيروت، الباحث ناصر ياسين لموقع "سكاي نيوز عربية"، "التحديات كثيرة أمام العام الدراسي في لبنان، بدءاً من تأمين التدفئة في المدارس الرسمية في المناطق التي تعلو عن سطح البحر بـ 700 متر وما فوق".
وأضاف "مدرسة بحجم تكميلية تحتاج إلى 300 مليون ليرة كلفة مازوت للتدفئة فقط، إضافة إلى كلفة القرطاسية وهذه كلفتها 480 ألف ليرة بالحد الأدنى قبل الارتفاع الأخير لسعر للدولار اليوم، ناهيك عن ثمن الحقيبة المدرسية".
وقال ياسين: "هناك تحد أمام المدرسين في القطاع العام فالمدرس الثانوي في المناطق البعيدة عن العاصمة يترتب عليه كلفة نقل وكان يتقاضى ما يعادل 2800 دولار قبل الأزمة لتصير اليوم بقيمة 200 دولار ويحتاج الى 150 ألف ليرة ثمن بنزين كل يومين".
وتابع: "كل ذلك ساهم في تهجير المعلمين من لبنان والمعلم اللبناني مرحب به أينما حل. ومنهم من استقال والبعض الآخر حصل على إجازات مفتوحة".
وأوضح ياسين "شهد العام الماضي انتقال 155 ألف طالب من القطاع الخاص للعام متوقعاً تضاعف العدد في العام المقبل.
وعن موضوع الكثافة السكانية وعدد المدارس، لا سيما في محافظة جبل لبنان قال "لكل 14 ألف نسمة في جبل لبنان، هناك مدرسة رسمية واحدة بينما في النبطية جنوب لبنان هناك مدرسة لكل 4900 نسمة وهناك اعتماد على القطاع الخاص في بيروت وجبل لبنان عكس بقية المحافظات".
وكشف ياسين لموقع "سكاي نيوز عربية "عن هجرة معظم العائلات اللبنانية إلى جزيرة قبرص وتسجيل أبنائهم فيها وأن هناك ما يقارب 200 عائلة على لائحة الانتظار في قبرص وأميركا وأوروبا والخليج".
ورأى الحل "بفتح صناديق دعم لكل مدرسة من قبل الخريجين والأهالي، لأن العام المقبل هو الأصعب على الإطلاق، سواء كان حضوريا أو عبر الأونلاين".