إدارة بايدن وقبل إصدارها للقرار في الثامن من هذا الشهر، تواصلت مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ للحوار معهم حول 3 قرارات تنفيذية، أحدها قد يصنف الأسلحة النارية المعروفة ببنادق الشبح التي تسمح بجمع السلاح من قطع، والثاني سيمول برامج تدخل العنف المجتمعي، والثالث سيعزز نظام مراجعة الخلفية لمن لم يشتر السلاح.

لكن الغريب وقتها أن الكونغرس لم يستجب لمطالبات بايدن، حيث بدأ البعض يتساءل عن سبب تردد الديمقراطيين في هذا الأمر، رغم سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ، فضلا عن البيت الأبيض بالطبع.

لمن لا يعلم، فإنه وقبل أن يأخذ بايدن قرارا في هذا الأمر، وأقصد هنا أن يتخذ أمرا تنفيذيا بشأن السلاح، فإن ذلك وللأسف يصطدم بالتعديل الثاني للدستور الأميركي الذي يحفظ لجميع الأميركيين الحق بحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم، لكن هناك بالطبع ما يمكنه من استخدام السلطة التنفيذية لفرض عمليات التحقق وإبطاء مبيعات الأسلحة.
والذي أثار الاستغراب هنا هو أن بايدن أصدر دفعة من القرارات التنفيذية التي تحدى من خلالها الجمهوريين، ومعهم دونالد ترامب، وكان من بينها ما يتعلق بالسلاح، مؤجلا إلى أن وقعت أعمال القتل الجماعي.

أعلن بايدن عن سلسلة من الإجراءات التنفيذية المتعلقة بعنف الأسلحة لكنه أوضح أن دفع التشريع في ظل معارضة الجمهوريين أمر غير ممكن حاليا، وقد استوقف المتابعين عدم وضوح القرار من ناحية إذا كانت الإدارة ستسعى في نهاية المطاف إلى تصنيف البنادق الشبح كأسلحة نارية.

لكن يبقى الأهم هو صدور ما عرف بتشريع "العلم الأحمر" النموذجي للولايات، الذي سيسمح لضباط الشرطة وأفراد الأسرة بتقديم التماس للمحكمة لإزالة الأسلحة النارية مؤقتا من الأشخاص الذي قد يشكلون خطرا على أنفسهم أو على الآخرين، فهذا قطعا سيؤدي إلى منع المجرمين من شراء معدات تحتوي على جميع المكونات والتوجيهات لصنع سلاح.

باختصار فإن ما أعلن عنه بايدن كان 6 أوامر تنفيذية هدفها التعامل مع انتشار العنف باستخدام الأسلحة النارية في أنحاء البلاد، الذي وصفه هو بـ"الوباء والإحراج الدولي".

وسيكون من الصعب تمرير المزيد من الإجراءات من خلال الكونغرس، فمجلس الشيوخ مقسم حاليا بالتساوي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وتملك نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس الصوت الحاسم.

ومع ذلك، وبسبب قواعد مجلس الشيوخ، يحتاج أي تشريع إلى دعم 60 عضوا لتمريره، لذلك لا بد من بعض الدعم الجمهوري.

لكن الجمعية الوطنية لحمل السلاح NRA أعلنت على حسابها عبر "تويتر" ما يلي: "أعلن بايدن عدة إجراءات صارمة للسيطرة على الأسلحة. وقد تتطلب هذه الإجراءات من المواطنين الملتزمين بالقانون تسليم ممتلكاتهم المشروعة، ودفع الدول إلى توسيع أوامر مصادرة الأسلحة".

هذه الرابطة التي تعتبر كيانا وطنيا متجذرا في التاريخ الأميركي، أعلنت تصديها لهذه الإجراءات، حيث إنها تشكل لوبيا انتخابيا يقف تاريخيا مع الجمهوريين، وكلنا يذكر خطابا لترامب محذرا من استهداف بايدن لسلاحهم.
فقد وصفت الرابطة الوطنية للأسلحة، وهي أكبر جماعة ضغط معنية بالحق في حمل السلاح في الولايات المتحدة، هذه الإجراءات بأنها "متطرفة"، حيث أظهرت 3 مبادرات اقتراع تأييد أقل من 43 بالمئة من الناخبين لعمليات التحقق من الخلفية "العامة" لحمل السلاح.

هذه الإحصائية تظهر ان الغالبية العظمى من الأميركيين لا تدعم سياسة الحد من حيازة الأسلحة، لكن وزارة العدل قالت إنه في غضون 60 يوما، ستصدر لائحة جديدة تؤدي لإخضاع أي سلاح مزود بدعامة تثبيت، لقانون الأسلحة النارية الوطني، مشيرة إلى أن مثل هذه الدعامة، التي استخدمها المتهم في حادث إطلاق النار في متجر بقالة في بولدر بولاية كولورادو مارس الماضي، يمكن أن تجعل المسدس يستخدَم كبندقية.

ما أقدم عليه بايدن يعتبر خطوة أولى في التصدي للعنف المسلح، ولا شك أنه سيواصل الدعوة لوضع تشريع خاص بالأسلحة النارية، ولن ينتظر حتى يتحرك الكونغرس قبل أن تتخذ إدارته خطواتها الخاصة بشكل كامل ضمن ما يعرف بـ"سلطة الإدارة والتعديل الثاني للدستور الأميركي" الذي يفرض حماية وإنقاذ الأرواح، فقد أخبر النشطاء المؤيدون للسلاح البيت الأبيض أنهم سيحاربون كل التدابير لمراقبة الأسلحة النارية المخطط لها وسيقاتلون في سبيل موقفهم حتى النهاية.