تريد واشنطن كما إسرائيل حلا مع الإقليم وليس مع الفلسطينيين. يمكن للحل مع الإقليم أن يكون حلا للقضية الفلسطينية. في كل الأحوال ينبغي أن يكون هناك حلا للقضية الفلسطينية.

في كل الأحوال يجب ان تكون هناك دولة فلسطينية. الفلسطينيون أكثر الناس معرفة بحاجتهم الضرورية إلى حل لقضيتهم، وإلى دولة، حتى لو كان مثل هذا الحل نصف حل، ولو كانت مثل هذه الدولة نصف دولة. على أي نحو كان سيكون وضعهم أفضل من اللاشيء الذي يعيشونه الآن.

استمرار إهمال حل القضية الفلسطينية، يعني مواصلة النهج الأميركي-الإسرائيلي في تحميل عبء القضية الفلسطينية على الجانب العربي، وجعلها كرة نار داخل المجتمعات العربية، وداخل عموم المنطقة.

ينبغي النظر بإمعان إلى نتيجة سياسة إهمال حل القضية الفلسطينية المتبعة منذ عقود وسنوات. مجموعات الخراب والدمار و الإرهاب، صارت سارحة في عموم دول ومجتمعات الشرق الأوسط والعالم بلا ضابط أو رابط.

تحويل القضية الفلسطينية إلى مشكلة فلسطينية - عربية أحدث ولايزال كارثة بشمال سيناء، كما جرى سابقا بالأردن ولبنان، كما لم ولن يوفر نجاة ولا أمنا لإسرائيل، وقد صارت تبحث عن حل لأمنها عند الآخرين. بينما هو في ذاتها.

السؤال، الذي يحتاج إلى إجابة الآن هو: كيف يمكن للاتفاق على المستوي الإقليمي مع إسرائيل أن يضمن حلا للقضية الفلسطينية؟

يمكن ضمان ذلك، لو صار الاتفاق العربي-الإسرائيلي قاعدة تفتح الطريق أمام قيام دولة فلسطينية بإشراف عربي. تجارب المنطقة السابقة والمثال المصري تحديدا يؤكد بوضوح أن مثل الاتفاقات ليست فقط تظل أكثر قوة وصلابة من نظيرتها الفلسطينية- الإسرائيلية، بل أنها أيضا تحظى بالقدرة على التطور وهضم التعديلات المطلوبة بمنتهى الثقة.

التطويرات والتعديلات، التي تم إدخالها على اتفاق السلام المصري-الإسرائيلي في مواجهة المجموعات الإرهابية بشمال سيناء حقيقة ساطعة.

في الوقت نفسه، يمكن الإقرار بثقة تكاد تكون مطلقة أنه لولا مصر والأردن، فربما لم يكن ممكنا للقضية الفلسطينية البقاء على قيد الحياة كقضية وطنية لشعب يسعى للتحرر والاستقلال، وكقضية قومية تظل بحد ذاتها قضية العرب الأولى.

لاوقت ولامساحة للخوض في تفاصيل عديدة للتدليل على هذه الحقيقة. إنما ماينبغي التذكير به والارتكان عليه هو أن وجود مصر والأردن إلى جانب السعودية والإمارات بصورة أساسية كأطراف للحل الإقليمي في مواجهة إسرائيل. إنما يمثل بحد ذاته ركن ضمانة وعمود ثقة في إمكان التوصل إلى إقامة دولة فلسطينية بإشراف عربي.

ولاخوف أو توجس فلسطيني أو عربي ساعتها من أن تبدأ الدولة الفلسطينية المأمولة من الأراضي، التي بحوزة السلطة الفلسطينية الآن، إلى جانب مايمكن إضافته من "الحل الإقليمي" بعاصمة هي القدس الشرقية، مع الاستمرار في المطالبة ببقية أراضي وحقوق هذه الدولة الوليدة.

كذلك لاخوف أو توجس إسرائيلي من مثل هذه الدولة الوليدة في ضوء معيشتها في كنف الإشراف العربي، وقد اختبرته إسرائيل جيدا علي مدى عقود.

هل يفيدنا طرح الدولة الفلسطينية بإشراف عربي كمبادرة جديدة يمكن طرحها من خلال القمة العربية المقبلة، مع تكليف لجنة قيادية عربية تتولى مناقشتها وبحثها مع إسرائيل والولايات المتحدة وبقية أطراف العالم الفاعلة؟ يا ليت أفضل من ربما.