تركيا من الدول التي قررت أن تكون منغمسة في الأزمة السورية، وأعلنت الحرب على النظام السوري وقررت إسقاطه وفتحت حدودها لتكون بوابة لإدخال السلاح والمال والمقاتلين من كل الدول والمعتقدات بل كان لها فصائل تأتمر بأمرها، وبعقلية التنظيم الممتد إلى الفكر الإخواني كانت إدارة العلاقة مع الملف السوري فضلا عن معطيات أخرى مثل ملف الأكراد.

ومع مرور السنوات تغير الموقف التركي شكليا من النظام وبخاصة بعدما عزز النظام السوري وجوده على الأرض، وأن كانت أمنية تركيا أن يكون حلفاؤها هم من يحكمون سوريا تماما مثل المنطق الإيراني، فكل طرف يريد أن يرث سوريا حتى وإن كانت مدمرة، فهذا منطق المستعمرين وليس الأشقاء والأصدقاء.

لكن تتابع الخسائر التركية في سوريا وصل إلى نقطة الضعف الكبرى وهي الملف الكردي، وعمل حلفاء تركيا من الكبار على إشعال النار تحت الملف الكردي إلى أن دفع القلق والخوف تركيا لتدخل الأراضي السورية تحت اسم "غصن الزيتون" العملية العسكرية التي بدأت منذ أسابيع ولم تنته، وهي عملية من الزاوية السياسية تمثل الاختبار الأهم للحكم التركي بالملف الكردي كملف أمن داخل.

وكان العنوان العمل على إرجاع ثلاثة ملايين لاجئ  سوري إلى بلادهم من خلال فكرة المناطق الآمنة، وهي فكرة من الصعب تطبيقها دون الدول الكبرى والأمم المتحدة ومواقفة النظام السوري، لكن هذا العنوان كان لإقناع الشعب التركي بأن له مصلحة مباشرة في هذه الحرب، وهي مصلحة لم تتوفر عندما كان النظام التركي يعلن سعية لإسقاط الأسد.

مهما تكن تفاصيل العملية العسكرية التركية  التي استعملت فيها حكومة أردوغان العرب السوريين من المعارضة كرأس حربة فإن غصن الزيتون سياسيا هي الاختبار الأكبر لأردوغان لأن معيار النجاح ضرب الوجود الكردي وإقامة منطقة عازلة يعيش فيها ثلاثة ملايين لاجئ سوري يقيمون اليوم في تركيا، والأهم هيبة الجيش التركي صاحب المكانة الإقليمية  الذي لن يقبل منه أقل من تحقيق كل الأهداف.

تركيا لم تنجح في إسقاط الأسد، وإذا فشلت في إسقاط المشروع الكردي وفشلت في تحقيق الهدف المعلن وهو إقامة المنطقة العازلة فإنها ستنضم إلى قائمة الخاسرين في الملف السوري.