يقف القائمون على إدارة المساجد في فرنسا على مفترق طرق هذه الأيام، في ظل تصاعد الأعمال الإرهابية في البلاد، الذي وضع بدوره المساجد في بؤرة الضوء من جديد، وأعاد الجدل في الشارع الفرنسي بشأن صراع النفوذ عليها بين الخارج الذي يمول والداخل العلماني.

فقد بات التمويل الخارجي للمساجد الفرنسية، يؤرق الحكومة الفرنسية، التي ثبت لديها –على ما يبدو- أن هذا الدعم يشكل عصبا مهما في "تفريخ الإرهابيين"، عبر خطاب متشدد لا تملك هي السيطرة عليه، إذ إن "من يمول يقرر".

وفي فرنسا أكثر من ألفين ومائتي مسجد، من بينها 60 مسجدا قائما بذاته وله مئذنة، فيما البقية عبارة عن صالات أو قاعات لمؤسسات أخرى يستأجرها المسلمون لتأدية الشعائر الدينية، لا سيما في المناسبات مثل رمضان والأعياد.

فرنسا وتأمين دور العبادة

وعلى وقع الهجمات الدامية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر 2015، أغلقت السلطات الفرنسية إلى الآن 20 مسجدا وقاعة صلاة، في وقت تنتظر أخرى قرارات الإغلاق وإبعاد أئمتها الذي تعتبرهم فرنسا "متطرفون".

وبينما لا تتلقى دور العبادة في فرنسا (المساجد والكنائس والمعابد) أي تمويل حكومي في دولة هي بالأساس علمانية، فإن دولا مثل الجزائر والمغرب وتركيا تشكل رافدا ماليا رئيسا للمساجد على وجه الخصوص.

وعادة ما يؤثر التمويل في صناعة القرارات داخل إدارات المساجد الفرنسية، رغم وجود مجلس إسلامي في فرنسا يشرف على هذه المساجد، لكنه لا يقرر –على ما يبدو- بمسائل تتعلق بتمويلها والخطابة فيها.

إرهاب يلد رعبا

وقد أدى هذا الصراع على النفوذ إلى دخول الحكومة الفرنسية على خط الرغبة في السيطرة على المساجد على أراضيها، إذ قال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، عقب اجتماعه مع رئيس المجلس الإسلامي أنور كبيش، مطلع أغسطس الجاري، إن الحكومة تدرس اقتراح الأخير بإنشاء مؤسسة للمساعدة في تمويل وإدارة المساجد وإبعاد المتبرعين المتشددين.

ولم تكتف فرنسا بهذا، إذ رشح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مؤخرا، وزير الداخلية السابق جون بيار شوفنمان، لإدارة المجلس الإسلامي في فرنسا، في محاولة من باريس لضبط الخطاب الديني "المتشدد".

وعلى ما يبدو، فإن فرنسا، ومن خلال هذه الخطوات، ماضية بكل قوة في تطبيق مبادئ الدولة العلمانية، في ظل تنامي الخطاب الديني المتشدد الذي أفرزته الهجمات الإرهابية الأخيرة التي طالت عددا من مدنها.

إغلاق مساجد محرضة على الكراهية