ثلاثة من المرشحين الخمسة في انتخابات نيويورك التمهيدية ينتمون إلى المدينة بشكل أو بآخر، إذ يتنافس بيرني ساندرز وهيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي، في حين أن دونالد ترامب يتصدر المشهد من الحزب الجمهوري.

فدونالد ترامب من مواليد برونكس وأحد أشهر نجوم المدينة، وبيرني سناندرز من مواليد بروكلن، لكنه غادر نيويورك في مقتبل شبابه.

وهيلاري كيلنتون هي ابنة المدينة بالتبني، لأنها قضت آخر عقدين من عمرها فيها منتخبة في مجلس الشيوخ وناشطة سياسية مع زوجها بيل كلينتون على كل الجبهات، لكن هل تكفي هذه المعطيات لتفسير الزخم الذي يتمتع به كل من ترامب وكلينتون قبيل موعد استحقاق الثلاثاء؟

الديموغرافيا تؤيد كلينتون

الحقيقة أن العنصر الذي  يلعب دورا أساسيا في تفسير هذا الزخم، هو التركيبة السكانية لنيويورك فهي ولاية لا تشبه غيرها من  الولايات، سواء من حيث تنوعها العرقي أو من حيث الثقافة والقيم التي أنتجها ذلك التنوع.

وحسب أرقام مراكز الإحصاء الأميركية، فإن أكثر من 50 بالمئة من ناخبي الولاية  ينتمون إلى مدينة نيويورك، وثلثين من هؤلاء هم من الأفارقة الأميركيين واللاتينيين والآسيويين والأقليات الأخرى التي أظهرت جميعها ولاء لعائلة كلينتون على المستوى الوطني.

في المقابل، فاز بيرني ساندرز حتى الآن بنحو 60 بالمئة من أصوات الناخبين البيض، لكن هؤلاء أصبحوا أقلية في نيويورك.

وهذا ما يمكن أن يقال أيضا عن شريحة الناخبين الشباب، إذ لم تنل كلينتون أغلبية أصواتهم إلا في ولايتي ألاباما وميسيسيبي، وهم في نيويورك يمثلون نحو 15 بالمئة من الجسم الانتخابي، غير أن الشباب في العادة يتحمسون كثيرا، وقليلا ما يترجمون ذلك بالتصويت في يوم الاقتراع.

ومما يمكن أن يزيد من معاناة ساندرز أن انتخابات نيويورك تعتمد ما يعرف بالنظام المغلق، أي أنها لا تسمح للمستقلين بالمشاركة في التصويت، ويعني ذلك أن 3 ملاين ومائتي ألف ناخب لن يكونوا معنيين بموعد الثلاثاء.

نزهة ترامب

وإذا انتقلنا الآن إلى الجانب الجمهوري، فإن انتخابات نيويورك ستمثل نزهة للمرشح دونالد ترامب، لأن كل الاستطلاعات تظهر أن أكثر من نصف الناخبين يفضلونه على منافسيه تيد كروز وجون كايزك، ومن المتوقع أن يفوز على أقرب خصومه بأكثر من 30 نقطة، وهو الذي لم يتمكن حتى الآن من الحصول على الأغلبية ولو مرة واحدة في 21 ولاية هزم فيها منافسيه.

السبب في ذلك حسب كتاب الافتتاحيات وخبراء السياسة الأميركية لا يكمن فقط في كون ترامب وجه معروف وشخصية مساهمة بقوة في فعالية نيويورك الاقتصادية، بل لأن الرجل يعكس بشكل كبير ثقافة الجمهوريين وقيمهم في الولاية.

فالجمهوريون في نيويورك يمثلون شريحة من الطبقة الوسطى التقليدية التي تنحدر في معظمها من عائلات بيضاء متوسطة الدخل، لكنها على خلاف الجمهوريين في الجنوب وفي الداخل الأميركي غير متدينة ولا تعارض الديمقراطيين إلا في نظرتهم إلى الاقتصاد، وسيكون صعبا عليها أن تؤيد المتشدد كروز الذي سبق وأن تهكم على "قيم نيويورك" غير الأميركية، أو على كايزك الذي سيكون مجرد حصوله على المرتبة الثانية في انتخابات نيويورك انتصارا في حد ذاته.

ما بعد نيويورك

ويبقى عزاء المرشحين الذين لا يبدو أنهم سيحدثون المفاجأة، الثلاثاء، في محطات ما بعد نيويورك، خاصة وأن موعد مهما ينتظر الجميع في 5 ولايات بعد أسبوع واحد.

ويأمل كل من بيرني ساندرز وتيد كروز أن يستمر زخم حملتيهما في ولايات مثل بنسلفانيا وميريلاند، فيما ستسعى كلينتون إلى تضييق الخناق على خصمها أكثر فأكثر، لأن ساندرز تحول إلى نجم حقيقي، حتى أن استطلاعات الرأي تعتبره الشخصية الأكثر إثارة للإعجاب لدى الأميركيين.

أما ترامب فسيحاول أن يستثمر في نتائج نيويورك لارتداء ثوب الرئيس المحتمل، وهو ثوب يرى كثير من الأميركيين أنه لا يناسب مقاس ترامب حتى وإن فاز بكل الولايات المتبقية.