يخطئ من يظن أن الجمعة سيكون اليوم الفاصل في تحديد ما إذا كانت بريطانيا ستبقى عضوا في الاتحاد الأوروبي أم ستخرج منه.

فالحقيقة أن ذلك غير صحيح ،والحقيقة أيضا أن القرار الوحيد في هذا الصدد لن يصدر إلا عن الناخبين البريطانيين في الاستفتاء الذي تعهد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني بإجرائه خلال حملته الانتخابية سعيا وراء الفوز برئاسة وزراء بريطانيا لفترة جديدة.

لكن يوم الجمعة سيكون أيضا يوما مهما للغاية، صحيح أنه لن يكون يوم الحسم لكن له أهمية كبيرة فماذا سيحدث يوم الجمعة؟.

كاميرون يسعى للحصول على وضع جديد لبلاده داخل الاتحاد الأوروبي، اتفاق جديد بين لندن وبروكسل تقل بموجبه صلاحيات الاتحاد في التحكم في شؤون بريطانيا، أو في فرض معايير أو قوانين عليها بحيث يصبح بوسع الحكومة البريطانية ألا تلتزم بما هو مفروض على باقي الدول الأعضاء بموجب عضويتها فحسب، وبالتالي سيكون للمملكة المتحدة وضع خاص.

تحذير من تفكك الاتحاد الأوروبي

العنصر الأكثر أهمية في هذا الصدد هو أن تتمكن لندن من الحد من تدفق المهاجرين إليها سواء القادمين من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى خاصة رومانيا وبلغاريا، أو القادمين من خارجه.

وبالتالي فإن الاتفاق سيمكن كاميرون من الترويج لبقاء بلاده ضمن الاتحاد، ومن ثم يتمكن من إقناع الناخبين بالتصويت لصالح البقاء، وهو يحذر من أن الفشل في التوصل لهذا الاتفاق لن يجعله قادرا على إقناع الناخبين بفائدة الاتحاد لبريطانيا وبالتالي سيكون التصويت على الأرجح لصالح الخروج من الاتحاد.

إذا هناك سيناريوهان ليوم الجمعة الأول أن يوافق القادة الأوروبيون على الاتفاق الذي تنشده لندن وبالتالي يزداد موقف كاميرون قوة ويتمكن من الدعوة للاستفتاء وهو شبه واثق من أن الناخبين سيؤيدون البقاء بعد هذا الوضع الجديد الذي حصلت عليه بلادهم.

أما السيناريو الثاني فهو عدم التوصل لاتفاق لكن كاميرون هنا لن يستسلم بل سيرجئ على الأرجح الدعوة للاستفتاء إلى ما بعد القمة الأوروبية المقررة في مارس المقبل أملا في اقناع القادة الأوروبيين بخطته خلالها وبالتالي يمنح لنفسه مزيدا من الوقت لدراسة خياراته المقبلة.

وعلى أي حال فحتى لو فشل كاميرون في التوصل إلى أي اتفاق مع القادة الأوروبيين فلن يعني هذا بالضرورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بل ستكون هناك فرصة للحملات المؤيدة لكلا الموقفين لحشد مؤيديها ودعوة الناخبين للتصويت بما يعكس وجهة نظرها.

وحتى هذه اللحظة وفي ظل الوضع الحالي لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي فإن 43% من البريطانيين يؤيدون البقاء و33% يؤيدون الخروج في حين تظل النسبة الباقية لم تتخذ قراراها بعد.

إذا فيوم الجمعة علامة مهمة بالنسبة لعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي لكنه أبدا لن يكون اليوم الحاسم في هذا الموضوع، فاليوم الحاسم سيظل دائما نهاية يوم الاستفتاء الذي لم يعلن عن تاريخه بعد.

لندن تفاوض على شروط بقائها