ينبئ إعلان حسن الخميني نيته خوض غمار السياسة، بترشحه لمجلس الخبراء في فبراير، بقرب نشوب معركة سياسية خفية واسعة، وتحالف فضفاض من الحمائم، ممن يدعمون الرئيس حسن روحاني، ضد الصقور من الأصوليين في إيران، وعلى رأسهم المرشد الإيراني علي خامنئي.

فقبل أيام صرح علي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، بأن مجلس الخبراء سينظر في قائمة مرشحين محتملين لخلافة الخميني، مضيفا أن المجلس جاهز لاختيار مجلس زعماء إن اقتضت الحاجة، عوضا عن المرشد، الذي يؤدي الدور الأكبر في مراقبة عمله، خاصة بعد خضوع الأخير لعملية جراحية لاستئصال البروستات.

إلا أن القيادة العسكرية للجيش نددت بتشكيل مجلس القيادة، مشيرة إلى أنه ما هو إلا وسيلة للتحايل، ومن شأنه أن يكسر قوة ووحدة إيران، ضد "أميركا والصهاينة والأعداء الإمبرياليين"، بحسب تعبيرها.

وبحسب المراقبين فإن خطوة الخميني بالترشح جاءت استجابة لرغبة الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني حينما دعا حسن الخميني بأن لا يقف موقف المتفرج في الساحة السياسية، معتبرا أنه آن الأوان لدور للخميني الصغير لـ"حماية الثورة".

وقد أعلن الخميني الصغير، الذي يبلغ من العمر 43 عاما، ترشحه رغم أنه لا يحظى بالمكانة السياسية الرفيعة في إيران، خاصة أنه فضل سابقا الاقتصار على الحظوة الشعبية والتصومع كرجل دين في مدينة قم والناي عن المشهد السياسي الإيراني، ليرأس مؤسسة تعكف على تجميع ونشر أعمال وكتابات الخميني الجد.

فقد سبق أن رفض الرجل اقتراحات بترشحه لمجلس الخبراء أو حتى لشغل مقعد الرئاسة، إلا أنه أعلن معارضته للنهج الأصولي في إيران، معبرا عن تأييده للاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية.

وتفسر الشعبية التي يتمتع بها الخميني الصغير بين الكثير من الإيرانيين باعتباره حفيدا لآيت الله الخميني محاولات استقطاب سابقة للمعسكر المعتدل أو معسكر الوسط لاستدراجه نحو لعب دور سياسي، لكنها في الوقت ذاته تجعله محط انتقادات كثيرة.

فبحسب وسائل إعلام إيرانية،  فقد وصفه رجل الدين الأصولي محمد تقي مصباح يزدي وبشكل غير مباشر بأبي جهل. كما حذرته جماعة أنصار حزب الله من إلقاء خطاب في محافظة غلستان، رغم أنه قال إنه يرغب فقط في زيارة الإقليم، مبديا عدم رغبته في إلقاء أي خطب للناس. لكن زيارته للمنطقة بعد ذلك لاقت ترحيبا حارا خاصة من مناصريه.

وقد حافظ حسن الخميني على علاقات جيدة مع مجموعات سياسية مختلفة كما أنه يحظى باحترام على نطاق واسع. وكل هذا يصب في أن يجعله مرشحا قويا في انتخابات مجلس الخبراء في فبراير المقبل.

وقفات سياسية

وفي كلمة، غير مسبوقة، ألقاها أمام مجموعة من الإصلاحيين في أغسطس، استرشد الخميني الحفيد بوصية جده لأبيه أحمد بتحمل المسؤولية في إيران إن اقتضت الضرورة، مشيرا إلى أن الوقت قد أذن له للعب دور في المسرح السياسي الإيراني.

وفي خطاب له عام 2011، أمام مسؤولين في الخارجية الإيرانية، وصف حسن الخميني "التطرف" بأنه "أكبر خطر على أي  حركة في العالم".

وفي عام 2013، وصف منع رفسنجاني من الترشح للانتخابات الرئاسية بالأمر الذي يصعب "تصديقه"، ليتجه نحو دعم حسن روحاني.

كما أشاد مرارا وتكرارا بالاتفاق النووي مع القوى العالمية التي تم التوصل إليه في يوليو، وأرجع نجاح الاتفاق إلى الحكمة التي تتمتع بها الحكومة الإيرانية.

ويعارض الخميني الحفيد أي دور للجيش في السياسة، ففي إحدى تصريحاته قال إن إشهار السلاح في الساحة السياسية يعني نهاية لكل مظاهر الحوار، منوها إلى أنه يجب الامتثال لتنفيذ أوامر جده بشكل صريح.

إلا أن ترشح الخميني الصغير قد يقرع طبول معركة سياسية واسعة بين "حمائم" إيران من بينهم ثالوث الاعتدال المكون من الخميني ورفسنجاني وروحاني، وصقورها على الجانب الآخر بما في ذلك مصباح يزدي، ورئيس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي، ومحمد يزدي رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة، خوفا من أن يسحب بساط السلطة من تحت سطوة أقطاب الأصولية في إيران.