أكد الهجوم الإرهابي الذي شهده فندق راديسون بلو في العاصمة المالية باماكو الجمعة الماضي، اليد الطولى للجماعات الإرهابية في شمال مالي، والتي انتقلت أعمالها الإرهابية إلى عاصمة البلاد بعد أن كانت مقتصرة على منطقة ساحل الصحراء حيث جالت في طول الصحراء وعرضها في السنوات الماضية تغتال وتختطف وتفجر.

وبدا غريبا للمراقبين تعدد الأطراف التي أعلنت مسؤوليتها عن أحداث باماكو التي راح ضحيتها 27 أجنبيا كانوا نزلاء بفندق راديسون.

ففي 20 نوفمبر، أعلنت جماعة المرابطون المتطرفة التي يتزعمها الجزائري مختار بلمختار مسؤوليتها عن الاعتداء، "بالتنسيق مع إمارة الصحراء في تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي". وأكدت أن المهاجمين كانوا اثنين فقط وألمحت إلى أنهما ماليان.

من جهتها وفي بيان مستقل أكدت "جبهة تحرير ماسينا" أنها "تتبنى الهجوم".

وقالت الجماعة في البيان أن الهجوم نفذ "بالتعاون مع أنصار الدين"، بزعامة القائد السابق للطوارق المتمرد إياد أغ غالي، وقامت به مجموعة خمسة عناصر "خرج ثلاثة منهم سالمون".

وكان زعيم حركة أنصار الدين إياد قد ظهر في تسجيل صوتي قبل أشهر محرضا الجنوبيين بشن هجمات في مناطقهم.

ونقلت وكالة فرانس بريس عن وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لو دريان، الأحد أن مختار بلمختار، الملاحق والذي أعلن مقتله مرارا، لا يزال حيا.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال مصدر في الاستخبارات المالية الاثنين، إن "جميع الجهاديين في مالي يتمحورون حول مختار بلمختار وإياد (اغ غالي) هو المنسق في مالي. وحسب المهمة (الموكلة إليهم)، يستخدم اسم المجموعة لكن العناصر يبقون أنفسهم إلى حد كبير".

وأكد ناجون من عملية احتجاز الرهائن، ومنهم المغني الغيني سيكوبا بامبينو دياباتي أنهم سمعوا المهاجمين يتحدثون الإنجليزية لكنهم لم يروهم، ولم يتمكنوا من تحديد لهجتهم.

ويرى مراقبون أن هجوم باماكو، الذي كان صدى لهجمات باريس بحسب رأيهم، يحمل تبنيه من قبل عدة جماعات متباينة تناقضا، يفضح هذه الجماعات التي يتبع بعضها داعش مثل أنصار الدين، والموقعون بالدماء التي تتبع القاعدة. ما يجعل اشتراكهم في تنفيذ عملية إرهابية أمر متناقض.

وحسب هؤلاء المراقبون، فإن العمل قد يكون عملية فردية، قام بها متطرفون مستقلون ممن يسمون "الذئاب المنفردة" لم ينسقوا مع أية منظمة إرهابية عملهم، ما جعل الجميع يتهافت ويدعي أنه من نفذ العمل. 

ونشر التلفزيون الرسمي في مالي الاثنين صور رجلين قتيلين على ما يبدو قال إنهما "مدبرا" الهجوم، دون أن يستطيع معرفة الجماعة التي يتبعونها.

وسلط العنف في باماكو -الذي جاء بعد أسبوع من هجمات باريس التي سقط فيها 130 قتيلا وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها- الضوء على انعدام الأمن في مالي والصعوبات التي تواجهها القوات الفرنسية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إرساء الاستقرار في البلاد التي كانت يوما مستعمرة فرنسية.

الجماعات المتطرفة في مالي تعمل جنبا إلى جنب مع بعضها في الصحراء وتنشط في منطقة واسعة بين الحدود الموريتانية المالية، إلى الحدود المالية الجزائرية.

لكن نشاط تلك الجماعات بعد تحرير شمال البلاد من سطوتها انحسر بعض الشيء واقتصر على اعتداءات وعمليات، تارة على قوات حفظ السلام الدولية المتواجدة شمال البلاد، وتارة في اقتتال مع حركة تحرير أزواد الطوارقية التي وقعت اتفاق سلام مع السلطات المالية مؤخرا ينهي تمرد الطوارق.