استطاع الرئيس الأميركي باراك أوباما حشد دعم أعضاء حزبه في مجلس الشيوخ بشأن الاتفاق النووي مع إيران بعد أن حصد 42 صوتا ديمقراطيا في المجلس، وهو ما يكفي لعرقلة أي خطوة لرفض هذا الاتفاق من طرف الأغلبية الجمهورية في الكونغرس.

وفشل الأعضاء الجمهوريون المعارضون للرئيس أوباما في مجلس الشيوخ، في محاولتهم تعطيل الاتفاق النووي مع إيران، ما يؤكد انتصار أوباما في هذه المواجهة، ويبدد نهائيا أي شك بشأن الاتفاق مع إيران.

وصوت 58 مقابل 42 في تصويت إجرائي في الكونغرس، في حين يتطلب تمرير "قرار عدم التأييد" الذي طرحه الجمهوريون 60 صوتا من أصل 100 سناتور، وكان تمريره سيمنع الرئيس الأميركي من رفع العقوبات الأميركية المفروضة علي إيران.

وبعد هذا التأييد الذي يوفر على الرئيس أوباما استخدام الفيتو ضد أي قرار معارض لاتفاق إيران في الكونغرس، لايزال من غير الواضح بعد كيف ستكون نتيجة التصويت أو شكل المعركة السياسية بين المشرعين الأميركيين.

وبضمان أوباما ما يكفي من الأصوات للاحتفاظ بحق النقض بعد حصوله على دعم غالبية أعضاء حزبه، يرى المراقبون أن تفادي استخدام الفيتو من طرف الرئيس الأميركي سيبعث برسالة مهمة إلى إيران والعالم مفادها بأن واشنطن موحدة وراء الرئيس الأميركي.

كما لا يحتاج الرئيس الأميركي بذلك لمواجهة كونغرس يصوت ضد أهم مبادرة في سياسته الخارجية خلال رئاسته، إذ لن يصل القرار إلى البيت الأبيض بحسب آخر المؤشرات، مما سيجنب عليه خطوة مكلفة سياسيا لتعطيل قرار للكونغرس.

لكن الحقيقة تبدو أبعد من ذلك، إذ ندد الجمهوريون، الذين يسيطرون على أغلبية المقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب بفكرة استخدام قاعدة إجرائية لعرقلة مشروع قانون لرفض الاتفاق.

وتقتضي القاعدة الإجرائية في مجلس الشيوخ إلى قيام مؤيدي الاتفاق بالكلام من دون انقطاع وبالتناوب إلى ما لا نهايـة، أو إلى أن توافق الغالبية على إغلاق النقاش من دون الوصول إلى قرار.

ويسمى هذا الإجراء في العرف السياسي الأميركي بـ " الفيليبستر (Filibuster)، ولفرضه يجب ألا يحصل خصوم الرئيس على 60 صوتاً من أصل 100، وهو ما تأتى للرئيس أوباما بتأييد 42 من أعضاء حزبه في مجلس الشيوخ.

وقال رئيس مجلس النواب جوب بينر، إن " الجمهوريين سيستخدمون جميع الوسائل لوقف وعرقلة الاتفاق النووي مع إيران".

إلغاء صلاحية النقض

وكان الجمهوريون يحاولون تمرير قانون يرفض الاتفاق النووي ومن ثم إلغاء صلاحية النقض التي يتمتع بها أوباما، خاصة أن الرئيس الأميركي توعد باستخدام الفيتو، الذي يملكه لصد أي محاولات من الجمهوريين لنسف هذا الاتفاق.

وأمام الكونغرس حتى 17 سبتمبر لتمرير مشروع القانون وتكون أمام الرئيس الأميركي مهلة مدتها 12 يوما لاستخدام حق النقض، بينما تتاح للكونغرس 10 أيام أخرى لمحاولة إلغاء هذا الحق في حال وجود غالبية ثلثي الأعضاء في مجلس النواب والشيوخ.

ومن المتوقع أن يحصل مشروع القانون الرافض لاتفاق إيران على الأصوات اللازمة ليمرره مجلس النواب، إذ يشغل الجمهوريون 246 مقعدا من جملة 435 مقعدا.

ولا يخضع مجلس النواب، الذي يهيمن عليه الجمهوريون للالتزامات الإجرائية نفسها، وسيتم التصويت فيه الجمعة كما قال زعيم الأغلبية كيفن ماكارثي.

ويكفي أغلبية بسيطة لتبني القرار، الذي لا يمكن أن يرسل إلى أوباما قبل إقراره من قبل مجلس الشيوخ. وهناك يبدو الجمهوريون عاجزون عن بناء "غالبية كبرى" من الثلثين لتجاوز فيتو رئاسي.

ولم يعلن أي من الأعضاء الجمهوريين بمجلس النواب تأييدهم للاتفاق، كما يعارضه 20 عضوا ديمقراطيا.

وبذلك يكون أوباما قد حصل على تأييد كل معسكره تقريبا للاتفاق، الذي لم يعد يعارضه سوى 4 من 46 سناتورا ديموقراطيا، بينهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بنجامين كاردن والرئيس السابق للجنة نفسها روبرت مينينديز، بينما ما زالت عضو في المجلس مترددة في قرارها.

وأجج موضوع إيران بالفعل الحملات الرئاسية للمرشحين من الحزبين، ليسفر ذلك عن مشهد سياسي لا يحدث إلا في واشنطن،

فقد أشادت المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون بالاتفاق، وقالت في كلمة في معهد بروكنغز: "الدبلوماسية ليست متابعة الكمال. بل هي موازنة المخاطر. وقالت إنه إما أن يمضي الاتفاق قدما أو "نتحول إلى مسار أكثر خطورة يقود إلى مستقبل أقل يقينا وأكثر مخاطرة".

وفي العاصمة كان المرشحان الرئاسيان الجمهوريان، دونالد ترامب، وتيد كروز، وجمهوريون آخرون يستعدون لمظاهرة ضخمة مناهضة للاتفاق في حديقة مبنى كابيتول، الذي يوجد به الكونغرس.

ولن تغير المظاهرات في واشنطن الموافقة النهائية على الاتفاق الدولي، وهو ما كان واضحا منذ أيام، حتى لو أمكن تمرير قانون الرفض في الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، فأوباما حشد دعما كافيا من طرف حزبه لكي يستخدم حق النقض ضده بشكل مؤكد.