بينما يحتفل الإيرانيون في شوارع طهران ويتحدث وزير خارجيتهم عن الانتصار الدبلوماسي في إنجاز الاتفاق النووي، يطل مشهد مختلف في واشنطن التي ما أن انتهت مراسم التوقيع حتى بدأت جهود الدفاع والتبرير.

فالاتفاق الذي بموجبه سيتم رفع العقوبات الدولية عن إيران بشكل تدريجي فعال، سيضع حدا لأنشطة نووية قد تصل بطهران إلى مرحلة صنع قنبلة ذرية.  

لكن يبدو أن الإيرانيين يرون مكاسب أكثر مما يراها الطرف الغربي. فسياسيا، يعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني الاتفاق إنجازا تاريخيا له، قائلا إن بلاده "حققت كل أهدافها"، لكنه أيضا حقق وعده الانتخابي بإنهاء العزلة الدولية المفروضة على إيران.

ولم يكن مستغربا نزول الآلاف من الإيرانيين من أجل الاحتفال بالاتفاق الذي يعيد الحياة في شرايين اقتصادهم المحاصر.

وبالفعل بدأت دول أوروبية في تحضير وفودها لزيارة طهران من أجل ترتيب آفاق التعاون، وفتح السفارات. وكانت ألمانيا أولى الدول التي أعلنت أن وفدا برئاسة نائب المستشارة أنغيلا ميركل سيزور طهران الأحد، بينما يتحضر وزير الخارجية الفرنسي للقيام بخطوة مماثلة، في الوقت الذي تؤكد بريطانيا أنها ستعيد فتح سفارتها في هذا البلد.

ولا يجد الرئيس الإيراني وفريقه صعوبة في تسويق الاتفاق الذي تنتظره الأمة الإيرانية منذ أن بدأت المفاوضات بشأنه قبل 12 عاما.

 فالتيار المتشدد داخل البرلمان الإيراني الذي ينظر بتشكك حيال أي اتفاق مع الغرب، لن يستطيع مقاومة رضا المرشد الأعلى علي خامنئي عن الاتفاق ودعمه له، فبدون موافقة المرشد الذي له الكلمة العليا لم يكن لهذا الاتفاق أن يرى النور.

وفي خطوة مسبقة لحماية الاتفاق النووي، أقر مجلس الشورى الإيراني في الأسبوع الأخير من شهر يونيو مشروع قانون يمنح مجلس الأمن القومي الذي يرأسه روحاني ويأتمر مباشرة بأمر المرشد الأعلى، صلاحية الموافقة على الاتفاق ليزيل بذلك أي تهديد من جانب البرلمان للاتفاق المحتمل.

انقسام بواشنطن

لكن تبدو الصورة مغايرة في واشنطن، التي انهالت عليها تصريحات الإدارة الأميركية المبررة للاتفاق والمحذرة من تعطيله في الكونغرس الذي يتخذ موقفا متشددا حياله.

فقبل أن يجف حبر القلم الذي وقع به وزير الخارجية جون كيري على الاتفاق، سارع الرئيس باراك أوباما في خطاب مباشر إلى القول بأن بلاده تمكنت من منع إيران من مواصلة طريقها في تصنيع سلاح نووي، مهددا الكونغرس بأنه سيستخدم حق النقض "الفيتو" أمام أي تشريع  يعطل تنفيذ الاتفاق.

واستبق الكونغرس انتهاء المفاوضات، بإصدار قانون "مراجعة الاتفاق النووي" في مايو الماضي، مما يجعله عرضة للتعطيل أو التعليق.  

وتوالت ردود الفعل الجمهورية الغاضبة عقب إعلان الاتفاق. فمن جانبه، سارع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر بالقول، إن الاتفاق سيشعل سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.

كما وصفه المرشح المحتمل للرئاسة عن الحزب الجمهوري جيب بوش "بالاتفاق الخطير والمعيب بشدة وقصير النظر".  

وقال سكوت ووكر حاكم ويسكونسن الذي أعلن ترشحه للرئاسة إن "إزالة الضرر الذي سببه هذا الاتفاق لن تكون سهلة".  

ووصف السناتور لينزي غراهام عضو مجلس الشيوخ عن ساوث كارولينا الاتفاق بأنه مريع سيزيد الأمور سوءا، بينما اعتبر مرشح آخر وهو ريك سانتورم السناتور السابق عن بنسلفانيا إن الإدارة الأميركية استسلمت لإيران.

وبالرغم من امتلاك أوباما للفيتو الرئاسي الكافي لتمرير الاتفاق فإن آثار الخلاف في واشنطن بشأنه لن تجعل تحركات الرئيس الأميركي أكثر سهولة حيال سياسته الانفتاحية الجديدة على طهران.