أشعل إقدام الشابة الكردية، فريناز خسرواني، على "الانتحار" لتجنب التعرض للاغتصاب، غضب الأكراد في مدينة مهاباد، التي لا يزال تاريخها محفورا في الذاكرة الجماعية "للشعب الكردي".

فهذه المدينة الواقعة في شمال إيران كانت، في العصر الحديث، عاصمة أول جمهورية للشعب الكردي، الذي يطالب "قوميوه" منذ عقود طويلة باسترجاع أراضي "كردستان التاريخية".

و"جمهورية مهاباد" داعبت حلم الأكراد في الوصول إلى الوطن المنشود الموحد الذي يمتد على طول منطقة جغرافية متصلة، ولكن مقسمة بين تركيا وإيران وسوريا، بالإضافة إلى العراق.

إلا أن هذه "الجمهورية الحلم" سرعان ما تلاشت بعد نحو 11 شهرا فقط على إعلانها من قبل الزعيمين الكرديين قاضي محمد، ومصطفى البارزاني، والد زعيم إقليم كردستان العراقي، الذي يتمتع حاليا بحكم ذاتي.

ويتخوف الأكراد في مدينة مهاباد، اليوم، أن "تطمس" جريمة مصرع الشابة التي باتت رمزا لهم بعد أن قضت دفاعها عن نفسها، وذلك على غرار تلاشي "حلم جمهورية مهاباد" تحت بند الصفقات الدولية.

فهذه الجمهورية التي أبصرت النور في 22 يناير 1946 بمساندة الاتحاد السوفياتي، وسط فوضى ما بعد الحرب العالمية الثانية، سقطت بعد تراجع السوفييت أنفسهم إثر تفاهمات مع الحليف اللدود، الولايات المتحدة.

وكان السوفييت، وفي محاولة لتحقيق أهدافهم التوسعية غداة نجاحهم في هزيمة النازية، قد توغلوا في الأراضي الإيرانية دافعين الشاه رضا بهلوي إلى التنحي، قبل أن يعينوا نجله خلفا له بموافقة بريطانيا.

وعلى أثر ذلك، عمد الاتحاد السوفياتي، الذي كان يتزعمه جوزيف ستالين، إلى دعم الزعيمين الكرديين بإعلان "جمهورية مهاباد" في أقصى شمال غرب إيران حول مدينة مهاباد، التي باتت العاصمة.

بيد أن الصفقات الدولية وتقاسم النفوذ بين القوى العظمى، التي خرجت من الحرب الكونية الثانية منتصرة ولاسيما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، لعبت دورا في القضاء على هذه "الجمهورية الناشئة".

وانتهى الحلم بإعدام السلطات الإيرانية قاضي محمد وفرار البارزاني من منطقة مهاباد، التي تجاور مناطق أخرى غير فارسية ولكن تخضع للسيادة الإيرانية، على غرار إقليمي بلوشستان، وخوزستان ذي الأغلبية العربية.

وبعد نحو 7 عقود على قتل أحد مؤسسي "أول جمهورية كردية"، "تشتعل" مدينة مهاباد اليوم للمطالبة بكشف ملابسات "انتحار" فريناز خسرواني التي ألقت بنفسها من الطابق الرابع لأحد الفنادق هربا من "رجل أمن" حاول اغتصابها.