اصطفت سيارات البث المباشر وانتقل عشرات، إن لم يكن مئات، الصحفيين والإعلاميين إلى مدخل فندق "بوريفاج" الفاخر، على ضفاف البحيرة في مدينة لوزان السويسرية، لمتابعة تطورات المحادثات النووية الإيرانية في أسبوعها الأخير.

النتيجة لن تخرج عن خيارين لا ثالث لهما، فإما اتفاق إطاري يمهد للاتفاق النهائي في نهاية يونيو المقبل، وإما فشل وعودة إلى المربع رقم واحد، فالخيار الثالث وهو تمديد جديد للمفاوضات لم يعد مطروحا، ولم تعد أي من الأطراف المتفاوضة مستعدة لتحمله في ظل الضغوط الداخلية، التي تطالب إما بالتوصل لاتفاق وإما بالعودة إلى المواجهة مجددا، أي العقوبات من الجانب الأميركي والمضي قدما في البرنامج النووي من وجهة النظر الإيرانية.

إلا أن محادثات لوزان سبقتها محادثات أخرى لم تحظ بالتغطية الإعلامية نفسها، لكنها ربما ستحمل تأثيرا بالغا على ما يجري في لوزان وطبيعة الاتفاق المحتمل في حال التوصل إليه.

فقد أجرى وفد إسرائيلي يرأسه وزير الاستخبارات محادثات في باريس مع كبار المسؤولين الفرنسيين، ومنهم الوفد الفرنسي في المحادثات النووية، ومعروف أن فرنسا تتزعم الصقور في مجموعة 5+1، بل إن الوفد الفرنسي هو الذي يصر على رفض الرفع الكامل للعقوبات بمجرد توقيع الاتفاق، ويفضل بدلا من ذلك وضع جدول زمني لرفعها بناءا على مدى التزام طهران بما سيسفر عنه الاتفاق.

وفي واشنطن، أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يرأس بنفسه فريق التفاوض الأميركي، محادثات مع يوكيا أمانو المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ربما لمناقشة دور الوكالة بعيد توقيع أي اتفاق، حيث سيناط بالوكالة بديهيا متابعة التزام إيران به خاصة أن لدى مفتشي الوكالة العديد من الخطط لمراقبة النشاط النووي الإيراني واستجواب الكثير من المسؤولين الإيرانيين عسكريين وتقنيين.

ولم يفت المتفاوضين التأكيد على أن هذه المحادثات نووية خالصة، بمعنى أن نقاط الاتفاق والاختلاف الأخرى كالحرب ضد "داعش" مثلا وما يجري في اليمن، لن يكون لها مجال للبحث أو لمناقشة في محادثات لوزان.

وعلى أي حال، فالمؤكد أن طهران وبعد أكثر من عقد من الزمان من المحادثات اكتسبت اعترافا دوليا وقبولا عالميا ببرنامجها النووي، الذي ينظر له العالم كله بعين الريبة، فحتى لو برهنت على سلميته الكاملة فلا يوجد ما يمنع من تطوره لاحقا نحو امتلاك سلاح نووي، وغاية ما يسعى إليه العالم هو أن تكون الفترة اللازمة لذلك طويلة بما يكفي لمنع هذا، سواء بالطرق الدبلوماسية أو حتى باستخدام القوة العسكرية.