أشارت أصابع الاتهام إلى فرنسا، بعد فشل المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني مساء الأحد، إذ يبرز مراقبون نقاطا عديدة في موقف الوفد الفرنسي، يرون فيه نوعا من "التعنت وإصرار على التعقيد".

وترى جريدة "لوموند" الباريسية أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس كان أول من أعلن عدم التوصل إلى اتفاق، مؤكدا أن الطريق مازال طويلا قبل إبرام صفقة بشأن هذا الملف.

وتطلب باريس مزيدا من الضمانات الواضحة بشأن 3 نقاط أساسية: محطة أراك، ماذا سيحل بمخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، وبشكل أوسع موضوع التخصيب نفسه.

وتقول الصحيفة إن "هذا الإصرار أثار حنق" بعض الدبلوماسيين الغربيين. وقال أحدهم، طالبا عدم ذكر اسمه، "الأميركيون والمجموعة الأوروبية والإيرانيون يعملون بطريقة مكثفة منذ أشهر على هذا الاتفاق، لكن فابيوس يحاول أن يعطي نفسه بعض الأهمية، ولكن متأخرا".

وكان فابيوس قد حذر عدة مرات من إبرام اتفاق لا يأخذ في الاعتبار النقاط التي تصر عليها باريس.

وترى "لوموند" أن تكرار فابيوس لتحذيراته ساهم في إثارة الريبة بشأن فرنسا ودورها في إفساد المفاوضات، خاصة عندما سارع بالخروج من القاعة، والمبادرة بإعلان عدم التوصل إلى اتفاق، خارقا بذلك "أداب البروتوكول، إذ تخطى واستحوذ على دور المتحدثة باسم مجموعة الدول الكبرى، كاثرين آشتون".

وتساءلت مجلة "الإكسبريس" الفرنسية عن "دور التعنت الفرنسي في إفشال المفاوضات "، مشيرة إلى أن "إصرار فابيوس على المطالبة بالتزام أقوى من جانب إيران بخصوص بعض البنود هو ما يثير حنق المفاوضين الغربيين وإيران، إلى درجة أن إيران أشارت إلى إمكان عدم عقد الجولة الثانية من المفاوضات" المتوقعة يوم 20 نوفمبر.

وفالت صحيفة "لو باريزيان" في عنوان صفحتها الأولى "تعنت فرنسا يمنع التوصل إلى اتفاق".

وعلق وزير الخارجية السويدي على تعثر المفاوضات قائلا في "تغريدة" على تويتر "يبدو أن المفاوضات لا تتم مع إيران، ولكن بين أعضاء المجموعة الغربية، هذا ليس جيدا"، في إشارة إلى دور فرنسا.

لكن فرنسا صدت عن نفسها الاتهام، دافعة بأنه لم تصدر أي إدانة علنية من قبل المشاركين في الجلسة، بخلاف ما فعله بعض النواب والإعلام في إيران.

وعندما سئل وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله عن الانتقادات الموجهة إلى باريس، أكد على أن "العمل تم على أعلى مستوى من روح الفريق، خاصة فيما بين الأوروبيين".

وأمام إلحاح الصحفيين بشأن هذه النقطة، امتنع كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وكاثرين آشتون عن التعليق.

واكتفى كيري بالتأكيد على أن مجموعة الدول الست "متحدة تماما"، قبل أن يضيف "نعمل جنبا إلى جنب مع الفرنسيين ونحن متفقون معهم على أنه هناك قضايا تحتاج منا إلى المزيد من العمل".

ولقد قلل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من أهمية عدم عقد اتفاق، مؤكدا أنه "ليس محبطا"، ومضيفا "نحن نعمل معا، ولحسن الحظ سيكون بإمكاننا التوصل إلى اتفاق عندما نلتقي مجددا".

وشارك ظريف في المفاوضات التي ترأستها آشتون، والتي جمعت ممثلي مجموعة الدول الست: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا وألمانيا.

ويفسر الإعلام الفرنسي موقف باريس بتخوفها من تكرار الإخفاق الذي حدث في 2003-2004، عندما فشل الاتفاق الدولي بشأن وقف تخصيب إيران لليورانيوم، بسبب افتقاره لضمانات التنفيذ الكافية.

"لهذا السبب رفع المفاوضون الفرنسيون السقف خلال المفاوضات الأخيرة، حتى وإن كان الثمن هو تأخير إبرامه"، حسب "لوموند".

وتركز عمل الفريق على صياغة اتفاق انتقالي يوضع موضع الاختبار لمدة 6 أشهر، ويوفر ضمانات بشأن البنود المثيرة للجدل في البرنامج النووي الإيراني الذي تقول الدول الغربية بأن له غاية عسكرية، وهو ما تنفيه طهران.

وفي مقابل هذه الضمانات، يتم تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، والتي أثرت سلبا على الاقتصاد وعلى مستوى معيشة المواطنين في إيران.

وبناء عليه تتعهد إيران بالتعليق الجزئي أو الكامل لعمليات تخصيب اليورانيوم، التي إذا ما وصلت إلى نسبة 90 في المائة يكون بإمكان إيران إنتاج قنبلة نووية.

أما محول أراك، الذي أشار إليه فابيوس، فمن المتوقع أن يبدأ نشاطه الصيف المقبل، ويقول الخبراء إنه سيكون من الصعب جدا إرغام الإيرانيين على وقفه إذا ما انطلق العمل فيه.

وكانت إسرائيل قد حذرت بشدة من إبرام أي اتفاق مع طهران دون أن يحتوي على ما يسمح بتفكيك برنامجها النووي.