الهجوم الذي نفذته حركة الشباب الصومالية على مركز تجاري في كينيا، والذي راح ضحيته عشرات الأشخاص، يثير مخاوف الجاليات العربية من تكرار موجة ترصد ذوي الأصول العربية والمسلمين المقيمين في الغرب بنية الكشف عن أي نشاط محتمل لهم مع "الجماعات المتشددة" ودرء خطر عمليات عنف في المدن الغربية.

وكانت وزيرة الخارجية الكينية أمينه محمد، قد أعلنت الاثنين لمحطة تلفزيون "بي بي إس" الأميركية أن اثنين أو ثلاثة أميركيين وبريطانية كانوا بين المهاجمين الذين هاجموا مركز "وست غيت" التجاري في نيروبي.

وفي ما يتعلق بالأميركيين، قالت الوزيرة الكينية إنهم "شبان تتراوح أعمارهم بين 18 و19 عاما .. وهم من أصل صومالي أو عربي ولكنهم يعيشون في الولايات المتحدة في مينيسوتا وفي مكان آخر".

في نفس الوقت، فتحت وزارة الخارجية البريطانية تحقيقاً حول مزاعم بالاشتباه بامرأة بريطانية تعرف باسم "الأرملة البيضاء" ربما تكون على صلة بالهجوم.

فقد أفادت تقارير بأن "امرأة بيضاء البشرة" ترتدي حجاباً شوهدت وهي تصدر أوامرها للمسلحين باللغة العربية أثناء الهجوم على مجمع "ويست غيت". ورجحت بعض التقارير الصحفية أن تكون السيدة هي سمانثا ليوثوايت الأرملة البريطانية لجيرماين ليندسي، أو عبدالله شهيد جمال، أحد منفذي هجمات لندن في السابع من يوليو 2005.

وهي مطلوبة لدى السلطات الكينية لعلاقتها بـ"خلية إرهابية"، وفي مارس 2012، ذكرت تقارير أن ليوثوايت، البالغة من العمر 29 عاماً، فرت عبر الحدود الكينية إلى الصومال.

ورغم أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أعلن، في رد فعل على العملية، أن الهجوم "إرهابي بحت ولا يمت بصلة للإسلام"، إلا أن ردود الأفعال في بريطانيا قد أوضحت مزاج مختلف ومعارض للموقف الذي تبناه كاميرون.

وكان هناك أثر بالغ على الرأي العام الغربي لشهادة بعض الناجين من العملية والذين قالوا إن الخاطفين كانوا يبقون المسلمين على قيد الحياة بينما يقومون بقتل غير المسلمين بعد سؤالهم عن ديانتهم ويطلبون منهم قراءة آيات من القرآن.

ويقول يقول محمد حاتم، (46 عاما):"في كل مرة تحدث فيها عملية إرهابية، نشعر أننا أناس من درجة ثانية على الرغم من أننا ولدنا في بريطانيا".

ويضيف:"بعد هذه الهجمات تزداد دائما النظرات المريبة التي يتفحصك بها الموظفون في المصالح البريطانية عندما تقدم لهم جواز سفر بريطاني وعليه اسم عربي".

"لقد عانينا من ذلك وكنا نخشى ردود فعل انتقامية بعد تفجيرات لندن عام 2005 وفي مايو الماضي، وأعتقد أننا سنعاني من هذه الريبة بعد عملية نيروبي وفي المرات القادمة أيضا"، حسب حاتم.

وكانت بريطانيا قد شهدت موجة من الاعتقالات والاحتجاجات ضد المسلمين في مايو الماضي إثر قيام شابين مسلمين بطعن جندي بريطاني حتى الموت.

"لا يا سيد كاميرون، إن مذبحة كينيا متعلقة تماما بالإسلاميين"، كان رد الصحفي دوجلاس موراي في جريدة ذي سبيكتاتور الأسبوعية المحافظة، وهي أقدم جريدة في بريطانيا.

ويتابع موراي:"لا أعتقد أن أي شخص عاقل يمكن أن يقول أن القائمين بالعملية يمثلون كل المسلمين، ولكن من الغريب القول أن التفرقة بين الناس وقتلهم، على أساس انتمائهم الديني فقط ، لا علاقة له بالدين".

ويواصل الصحفي رده على ما أسماه "هذه الكذبة النبيلة"، قائلا " أستطيع أن أرى لماذا يود أشخاص مثل ديفيد كاميرون أن يتأكدوا ألا يلوم أحد المسلمين عامة على هجوم مثل هذا. لكن، أن يكذب ويقول أن مثل هذه العمليات لا علاقة لها مطلقا بالإسلام فهذا لا يفيد أبدا، فذلك يترك المتطرفين طلقاء دون حساب ويثير غضب كل الآخرين الذين يتعجبون لماذا لا يستطيع رئيس الوزراء أن يرى ما يراه الأخرون".

وفي المقابل يقول الكاتب سايمون جينكينز في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن مكافحة الإرهاب والتشدد تحتاج إلى بوليس فعال وأجهزة استخبارات يقظة لا تشتت جهودها بالملاحقة المستمرة لأي شخص كان".

ويرى جينكينز أن "الحرب على الإرهاب قد فشلت" وأن "باستخدام العنف ضد سلسلة من الدول الإسلامية، لم تقهر القوى العظمى تنظيم القاعدة تماما كما لم تمحو الإسلاميين، لكنهم على العكس أعادوا إحياء التطرف وكانت النتيجة أن العالم أصبح أقل أمنا".