صار المهاجرون إلى بريطانيا سواء من داخل الاتحاد الأوروبي أو من خارجه قضية محورية تتنافس الأحزاب السياسية في التشدد حيالها قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2015.

وبينما أجمعت الأحزاب الرئيسية الثلاثة، العمال والمحافظون والديمقراطيون الأحرار، على أهمية دور المهاجرين في اقتصاد بريطانيا ودعمهم لكثير من القطاعات المهمة في البلاد، تنافس زعماؤها على إجراءات مشددة حيالهم خلال الفترة المقبلة.

وربما دفع هذه القضية للظهور أكثر أنه اعتبارا من نهاية العام الحالي سيكون من حق مواطني بلغاريا ورومانيا دخول بريطانيا دون أي قيود باعتبارهم مواطنين أوروبيين، وهو ما أدى لموجة تحذيرات من تدفق أعداد كبيرة منهم على البلاد والضغط بشدة على الخدمات ونظام الرعاية الصحية في بريطانيا الذي يعاني أصلا مشكلات عديدة.

وكان زعيم حزب العمال المعارض إيد ميليباند أول من تطرق لهذه القضية عندما أعلن أن استراتيجية حزبه خلال السنوات الماضية شابها كثير من الأخطاء، ومن المحتم على الحزب أن يعدل من هذه الاستراتيجية التي أدت إلى دخول كثيرين إلى البلاد دون أن يستحقوا ذلك.

ثم قال نيك كليغ، نائب رئيس الوزراء وزعيم حزب الديمقراطيين الأحرار الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم، في خطاب له الأسبوع الماضي إن أهمية المهاجرين للبلاد تظل كبيرة لكن يتعين التدقيق في قواعد دخولهم البلاد، بما في ذلك التأشيرات السياحية وتأشيرات الدراسة، بل إنه اقترح أن يطلب من الراغبين في الحصول على تأشيرة لدخول البلاد دفع مبلغ مالي كضمان يرد لهم عند المغادرة لكيلا يعمد بعضهم إلى البقاء بعد انتهاء فترة التأشيرة.

وهذا الأسبوع يأتي الدور على رئيس الوزراء ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين الذي سيطرح أيضا التشدد في النظام المتبع في توفير المساكن الحكومية والخدمات الصحية للمهاجرين، إذ سيشترط قضاءهم 5 سنوات في البلاد قبل أن يكون من حقهم التقدم بطلب للحصول على مسكن على نفقة الحكومة.

كما تقضي الخطة بأن يطلب من هؤلاء المهاجرين أيضا أن يدفعوا ثمن الحصول على الخدمات الطبية من العيادات التابعة للدولة خلال وجودهم في البلاد، إذا كانوا قد أمضوا أقل من 5 سنوات أيضا.

وبحسب الصحف البريطانية الصادرة (الأحد) فإن قضية المهاجرين محورية في الصراع الانتخابي المقبل، وكانت نقطة مرجحة لحزب المحافظين في الانتخابات الماضية، بعد أن تعهد بتقليل أعداد المهاجرين الذين يتدفقون على البلاد بنسبة كبيرة خلال فترة حكمه.

وتولت وزيرة الداخلية البريطانية والمرشحة لخلافة كاميرون في زعامة حزب المحافظين، تريزا ماي، هذه المهمة ونجحت بالفعل في تقليل الأعداد من خلال تشديد إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول، والشروط التي يسمح بموجبها منح تأشيرة العمل والإقامة للأجانب.

كما اشترطت تقاضي الأجنبي 30 ألف جنيه أسترليني، أي ما يعادل 45 ألف دولار، سنوياً على الأقل كي يسمح له باستقدام عائلته للإقامة معه.

أما بالنسبة لرجل الشارع فلن تغير هذه الإجراءات الكثير لأن العبء الأكبر يمثله الوافدون من دول الاتحاد الأوروبي، وهؤلاء لن يتأثروا إلا قليلا بهذه الاجراءات.

لكن القضية تبقى محوراً مهما للانتخابات المقبلة قبل عامين من إجرائها.