تمكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من أن يصبح "بطلا قوميا" عقب تمكنه من إنجاز الاتفاق النووي مع القوى الكبرى قبل أن تنسحب منه الولايات المتحدة، ولكن في الفترة الأخيرة كان ثمة رجل هو من أضحى يدير السياسة الخارجية لإيران لاسيما في الملفات الهامة.

فرغم أن ظريف استمر في جولاته الخارجية، لكن صلاحياته تضاءلت بشكل كبير، إذ حل مكانه رجل آخر مكانه لاستلام الملفات التي تهم نظام الملالي لاسيما في سوريا والعراق واليمن، وذلك الرجل هو علي ولايتي مستشار المرشد الإيراني على خامنئي لفترة طويلة في السياسة الخارجية، بحسب مجلة "فورين بوليسي".

وبحسب  المجلة الأميركية، فإنه لفهم أعمق لاستراتيجية السياسة الخارجية الحالية لطهران، فلابد من متابعة ودراسة تصريحات ولايتي بدقة سواء داخل إيران أو عبر جولاته الخارجية المتكررة.

سياسي "محنك"

ورغم أنه معروف نسبياً في الخارج، إلا أن ولايتي كان لاعبا أساسيا في السياسة الإيرانية عقب ثورة الخميني، فهو مثل ظريف درس في جامعة أميركية ليصبح طبيبا، ولكنه على عكس وزير الخارجية الحالي أن يستوعب ويتفهم العادات والتقاليد الثقافية الأمريكية.

وبعد الإطاحة بالشاه، انضم على الفور للحكومة الإيرانية الجديدة، ليصبح في نهاية المطاف وزير الخارجية الأطول خدمة في العهد الجديد، إذ شغل المنصب لمدة 16 من عام 1981 حتى عام 1997 ، عندما قرر الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي الاستغناء عن خدماته لرغبته في تعميق العلاقات مع الغرب،  فعينه خامنئي لاحقا كمستشار شخصي له في الشؤون الدولية.

في عام 2013 ، تخلى ولايتي عن دوره الاستشاري لخوض انتخابات الرئاسة، وخلال فترة الترشح برزت ملامح معالمه السياسية لأول لدى الرأي العام، إذ كان عضوا في ائتلاف فضفاض من المرشحين المحافظين المعارضين للمعتدلين حسن روحاني والإصلاحي محمد رضا عارف.

ولكن خلال سباق الترشح أضحى ولايتي هدفاً لغضب ائتلافه، فقد تعرض لهجوم عنيف من المحافظين سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف لدوره قبل عقد من الزمان في اجراء المحادثات النووية مع الغرب، ليصبح بدون رغبة منه في نفس الصف مع السياسة الخارجية المرشح حسن روحاني.

وهنا اضطر ولايتي أن يدافع عن نفسه مع روحاني بوجه التيار المتشدد الذي كان يعارض أي محادثات مع الغرب على الإطلاق. وفي النهاية قرر ولايتي الانسحاب لصالح المرشح القيادي في الائتلاف المحافظ ، محد باقر قاليباف، مما أدى إلى تقسيم الأصوات المحافظة وفوز روحاني.

وعقب انتصار روحاني في انتخابات 2013، جرى نبذ ولايتي من قبل المتشددين الذين نعتوه بـ"الخائن" ، لكنه تلقى دعما من التيار الإصلاحي، مما جعله يدافع بشكل قوي عن مفاوضات ظريف المباشرة مع الولايات المتحدة.
العودة  إلى التشدد

لكن في السنوات الأخيرة تغير موقف ولايتي مرة أخرى. ففي أعقاب وفاة  الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني في عام 2017 ، تم اختيار ولايتي ليحل محله كرئيس لمجلس أمناء جامعة آزاد الإسلامية ، أكبر مؤسسة أكاديمية في البلاد والتي كانت تعتبير معقلا تقليديا للإصلاحيين.

وعلى الفور، باشر ولايتي في عمليات إقصاء استهدفت معظم مسؤولي الجامعة الذين كانوا موالين لرافسنجاني.

بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، تغير موقف ولايتي من توقيع اتفاق نووي مع القوى الغربية، وقارنه بمعاهدتين شهيرتين في القرن التاسع عشر، عندما أجبرت إيران على التخلي عن السيطرة على المناطق التي تضم داغستان الحديثة وشرقي جورجيا وأذربيجان وأرمينيا.

وأضحى ولايتي يكرر شعارات التيار المحافظ الرافضة للاتفاق النووي، مهاجما استعداد روحاني للتفاوض من "موقف الضعف" ومع استمرار العقوبات الدولية.

وفي الختام تقول مجلة "فورين بوليسي" إنه إذا كان طموح ولايتي هو العودة إلى "جنة المتشددين" ، فقد حقق نجاحا باهرا في هذا الأمر، مستشهدة بثناء المحافظ المتشد حميد رضا مقدمام فار، الرئيس السابق لوكالة فارس للأنباء، والذي قال: " لا يجب على أحد أن يشكك في مؤهلات ولاية ولايتي الثورية.. فهو مؤيد كبير ومتعصب للثورة الإسلامية".