في خضم أزمة اقتصادية طاحنة أتت على اقتصادات العديد من البلدان قبل أكثر من عقد، تسلم نجيب رزاق رئاسة الوزراء في ماليزيا، ليجد نفسه أمام تحدي انتشال البلاد من هذه الدوامة ويعيدها إلى طريق النمو لتصبح الآن من بين الدول الأعلى دخلا.

وأصبح الاقتصاد في قلب برنامج رزاق عندما تولى رئاسة الوزراء في الثالث من أبريل عام 2009، حيث ركز على الإصلاح والتحرر الاقتصادي، في وقت كانت بلاده تعاني من جراء تداعيات الأزمة المالية التي ضربت معظم اقتصادات العالم.

نموذج اقتصادي جديد

وقدم رزاق، الذي سيخوض الانتخابات نموذجا اقتصاديا جديدا أسهم في سرعة انتقال ماليزيا إلى بلد مرتفع الدخل، من خلال تنفيذ تدابير كبيرة لجذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، بما يتماشى مع رؤية 2020 التي تستهدف وضع ماليزيا ضمن الدول الخمس الأكثر تقدما والأعلى دخلا.

وبحسب بيانات حديثة لصندوق النقد الدولي، فقد حقق اقتصاد ماليزيا نموا أعلى من المتوقع، فقد بلغ 5.8 في المائة في عام 2017، مع توقعات بتحقيق نسبة متقاربة في عام 2018، ما عتبره مراقبون إنجازا يحسب لرزاق الذي سيخوض الانتخابات بمواجهة رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد.

تحول جريء

وفي عام 2010، نفذت الحكومة برنامجها من أجل التحول الاقتصادي، وهو برنامج جريء يرمي إلى تغيير طريقة عمل الحكومة تغييراً جذرياً بحيث يمكنها أن تقدم للشعب حلولاً حقيقيةً للعديد من المشاكل الرئيسية التي يعاني منها البلد، بحسب تقرير للأمم المتحدة عن الاقتصاد الماليزي.

والبرنامج عبارة عن خارطة طريق لتحسين الخدمات المقدمة إلى الناس، ويركز على تحقيق نتائج ملموسة وفورية. ويستند هذا البرنامج برمته إلى شعار التزمت به الحكومة وهو "الشعب أولاً، الإنجاز الآن".

وانتعش الاقتصاد الماليزي بسرعة بعد انكماشه في 2009، ليهبط معدل التضخم في عام 2012 إلى 1.7 في المائة ليصبح بذلك واحداً من أدنى المعدلات في منطقة آسيا ـ المحيط الهادئ، وهو ما يدل على أن البلاد تعافت سريعا من الأزمة.

بطالة منخفضة

وحافظت ماليزيا على معدل بطالة منخفض منذ عام 2009، حيث هبط المعدل إلى 3.4 في المائة عام 2018، وهو من بين المعدلات الأكثر انخفاضا في العالم.

وفي المقابل، ارتفعت نسبة عمالة المرأة في القطاعات المختلفة بين عامي 2010 و 2016، بمعدل سنوي يبلغ حوالي 4 في المائة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف مساهمة المرأة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، في الفترة ما بين 2001 و2008.

وبحسب منظمة التجارة العالمية، فقد نمت التجارة في قطاع السلع والخدمات في عام 2017 بنسبة تفوق 160 في المائة، مقارنة بعام 2009.

إنجازات سابقة

وقبل توليه منصب رئاسة الوزراء، أسندت إلى رزاق عددا من المسؤوليات في أوقات مهمة.

وفي عام 1991، عين رزاق وزيرا للدفاع، وقاد خطط نشر القوات الماليزية لمساعدة بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البوسنة عام 1993.

وفي العام نفسه، نشرت ماليزيا قوات حفظ سلام في الصومال، لتساهم بشكل فعال في الجهود الدولية لاحتواء الصراعات المسلحة.

هيكلة التعليم

وبعد أربع سنوات ناجحة في وزارة الدفاع، أصبح رزاق وزيرا للتعليم عام 1995، ليبدأ معركة أخرى لإعادة هيكلة قطاع التعليم الذي يعد حاليا من بين الأرقى في العالم.

وقد شجع رزاق التعاون بين الجامعات والمؤسسات الأجنبية، ونفذ إصلاحات لضمان حصول المعلمين على مرتبات شهرية أعلى وسن قوانين لتوفير المزيد من الفرص التعليمية للماليزيين.

تحديات أمنية

وعاد رزاق إلى وزارة الدفاع مرة أخرى عام 2000، ليواجه تحديات جديدة للأمن القومي في المنطقة، خاصة تسونامي المحيط الهندي عام 2004 وتفجيرات بالي في إندونيسيا من نفس العام.

وكوزير للدفاع، أطلق رزاق برنامج "الخدمة الوطنية الماليزية" الذي ضم 400 ألف شاب، ويهدف إلى تعزيز التسامح ، والعمل الجماعي ، ومشاركة المجتمع.