قدح من الشاي والقهوة قد يكون مطلبا عابرا للمارة، لكنه بالنسبة للمرأة الأربعينية زينب إسماعيل وغيرها من "ستات الشاي" كما يطلقون عليها في السودان مصدر قوت يومي لآلاف العائلات التي تعولها نساء كادحات بما تيسر لهن من إمكانات في ظل غياب بدائل توفر العيش الكريم.

على مقربة من زينب تجلس حواء علي التي فرت من ويلات الحرب غربي البلاد، فلم تجد سوى شجرة تجلس تحت فروعها وسط الخرطوم وإن كانت لا تقيها حر الصيف أو برد الشتاء لكنها على الأقل بالنسبة إليها ولمثيلاتها مساحة توفر لهن ولأسرهن الكسب الحلال رغم مضايقات البلدية وتضييق الخناق عليهن كما يقلن.

لا يقتصر إعداد الشاي على السودانيات فقط بل هي ظاهرة تمتد لتشمل أيضا نساء دول الجوار بدافع الفقر والحرب في مناطقهن.

وتقول ناشطات إن آلاف الفتيات والنساء يخشين ما يعرف بالكشة، وهي حملات ملاحقة الشرطة لهن طلبا للتراخيص القانونية أو مصادرة أدواتهن في حال لم يدفعن لمجالس البلدية الرسوم الباهظة التي تم فرضها عليهن مقارنة بدخلهن الضئيل المقدر بنحو عشرة دولارات يوميا في أحسن الظروف.

وفي حال تم إلقاء القبض عليهن تفرض السلطات عليهن غرامة قدرها 35 دولارا أميركيا لإطلاق سراحهن وهو ما يجعل مبادرات حقوقية كحركة "لا لقهر النساء" تطالب بتوعيتهن بحقوقهن.

وأشارت الناشطة الحقوقية مشاعر عبد الكريم إلى جهل هؤلاء النساء بحقوقهن وصلاحيات رجال الشرطة في التعامل معهن وفقا للدستور السوداني، كما وصفت عبد الكريم مداهمات الشرطة لستات الشاي بأسوأ الانتهاكات الانسانية التي تتعرض لها إمرأة بسيطة تتلخص أحلامها في دخل يومي يسد رمق أسرتها حتى صباح اليوم التالي.

تشير إحصائيات وزارة الرعاية الاجتماعية إلى أن نحو 15 ألف امرأة تعمل كما يسمونها في السودان ست الشاي ، غير أن ظاهرة ست الشاي باتت ثقافة تميز الشارع السوداني لالتفاف الناس من حولها بمختلف طبقاتهم الاجتماعية حتى باتت وجهة للمثقفين والشعراء والأدباء والصحفيين تماما كما يرتاد جلستها الطبيب والمهندس والعامل البسيط.