في ظل الأحداث غير الاعتيادية التي يمر بها عالمنا، ربما تبدو كذبة أبريل أكثر قربا إلى الواقع مما نشاهده ونسمعه في نشرات الأخبار، لذا فقدت هذه العادة السنوية التي تتكرر في الأول من ابريل كل عام كثيرا من رونقها، وقد تختفي مع الوقت.

وقال دكتور علم الاجتماع، حسين الخزاعي، لسكاي نيوز عربية إن "من الطبيعي القول إنه لا يوجد إنسان واحد يقول الحقيقة كل الوقت. وربما هذا هو سبب عدم مبالاة الناس اليوم بكذبة أبريل".

وعن سبب تصديق الناس لهذا الكذب في هذا اليوم يقول الخزاعي إن "انشغال الناس في أمور الحياة الكثيرة، ومطالبها التي تعقدت، أدى إلى أن نسيان عد الأيام أو الأشهر أو الساعات".

وتابع: "كما أن الأصدقاء الذين يمارسون المزاح أو الكذب في هذا اليوم مع أصدقائهم يعرفون جيدا ماذا ينتظر كل واحد منهم أو ما هي طموحاته، لذا يبادرون إلى إبلاغهم عن أشياء ينتظرها كل واحد منهم ولهذا ينجحون بتمرير مزحاتهم إلى أصدقائهم الذين يستقبلون الكذبة بفرح وسرور وبهجة، وينسون أن الموضوع كله خدعة أبريل، أو مزحة من صديقهم لتبدأ بعدها سلسلة المعاتبات جراء هذه الخدعة".

ويرى معين الناصر (30 عاما) أنه كان في فترة المراهقة يستغل هذا اليوم لإطلاق أكاذيب هو وأصدقاؤه، ودبر الكثير من الخدع سواء في الأهل أو الأصدقاء. ويؤكد الناصر أن تلك الخدع والأكاذيب كانت تنطوي - حسب وصفه - تحت بند "الكذب الأبيض" الذي يسعى إلى الإيقاع بالآخرين، لكن دون إيذاء مشاعرهم أو إثارة حفيظتهم وذعرهم".

ويضيف الناصر "واليوم.. وبعد تجاوز مرحلة المراهقة بات الأمر لا يعني شيئا لأن مشاغل الحياة وتسارع وتيرتها ألهت الناس عن مثل هذا الأمر الذي لم يعد له شأن أو أهمية تذكر".

وقال الكاتب الصحفي الحبيب الأسود إنه "لم يعد لكذبة أبريل معنى بعد أن أصبح الكذب مهنة معترفا بها، يحترفها السياسي والدبلوماسي والداعية والتاجر والإعلامي والفنان".

وأوضح أنه "في حين يتخذ البسطاء من الكذب وسيلة مرح أو كسب قوت يوم، يستعمله كبار القوم لنهب دول وسرقة ثروات. وكما يعتقد البعض أن الكذب فن، يعتقد آخرون أنه علم له تقنيات ومختصون"، مضيفا "وفي حين ينتظر السذج كل أول أبريل ليكذبوا كذبة، يجعل البعض من كل أيام العام أياما للكذب، ما عدا هذا اليوم، خوفا من أن يحسب الناس أنهم يكذبون.. رغم أنهم يكذبون فعلا".

أصل الحكاية

أصل "كذبة أبريل" غير معروف على وجه الدقة، فهو غامض مثل الأساطير التي اختلط فيها الواقع بالخيال لدى شعوب العالم، وتضاربت أصول ومنبع استخدام هذه الكذبة، والقصص التي تدور حولها.

لكن أرجح الروايات تؤكد أنها بدأت في فرنسا عام 1564 بعد فرض التقويم الجديد، حيث كان شهر أبريل هو بداية السنة هناك، حتى أمر ملك فرنسا، شارل التاس، بجعل أول السنة في يناير. وكان الشخص الذي يرفض هذا التقويم الجديد يتحول إلى مادة دسمة للسخرية والاستهزاء من بقية الناس، لأنه الوحيد الذي يحتفل ببداية السنة الجديدة.

وهناك من يرجع أصل الكذبة إلى اليونانيين القدماء، الذين خصصوا اليوم الأول من شهر أبريل لإقامة احتفالات ضخمة لآلهة الحب والجمال والربيع والمرح، وسط جو من الضحك والسعادة والمقالب الطريفة.

بينما يعتقد البعض أنها ظهرت في الهند، مقترنة بعيد الربيع، حيث كان من طقوس الاحتفال إرسال أشخاص "مغفلين" إلى مهام وهمية من أجل السخرية من غبائهم.

هناك جانب آخر من الباحثين في أصل "الكذبة"، يرى أن نشأتها تعود إلى القرون الوسطى، إذ أن شهر أبريل في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمرضى العقليين، فيطلق سراحهم في أول الشهر، ويصلي العقلاء من أجلهم. وعندئذ نشأ عيد باسم "عيد المجانين" أسوة بالعيد المشهور باسم عيد "جميع القديسين".

وهناك باحثون آخرون يؤكدون أن "كذبة أبريل" لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية شعوب العالم إلا في القرن التاسع عشر.

أشهر الأكاذيب

تنوعت "كذبة أبريل" بين كذبة اجتماعية واقتصادية وسياسية، ومن أشهر الأكاذيب التي مرت بها المنطقة في أول أبريل ما حدث عام 1976 عندما قطع راديو إسرائيل إرساله فجأة، وقال "أيها المستمعون الكرام منذ دقائق هبطت طائرة الرئيس المصري أنور السادات في مطار بن غوريون بتل أبيب وهو في طريق عودته من ألمانيا الاتحادية إلى القاهرة، وقد استقبله في المطار إفرايم كانترير رئيس دولة إسرائيل وكبار المسؤولين فيها".

وبعد 10 دقائق قطع راديو إسرائيل برامجه مجددا، وقال لمستمعيه "عفوا أيها السادة خبر هبوط الرئيس المصري في مطار تل أبيب، الذي أذعناه عليكم قبل قليل هو كذبة أبريل لهذا العام، فاليوم هو أول أبريل طاب صباحكم".

أما كذبة 2004 فكانت عندما انتشر خبر اغتيال "بيل غيتس" صاحب أكبر شركة برمجيات في العالم، إذ ورد الخبر على لسان بعض المصادر الأميركية في مارس بشكل موسع على شبكة الإنترنت، ثم ما لبثت هذه المصادر أن نفت الخبر، مؤكدة أنه "كذبة أبريل".