يرى مثقفون مصريون أن الفنون والآداب لا تصنع ثورات، لكنها تسهم في الوعي بضرورة التغيير الذي يمتد من المطالبة بالإصلاح إلى التمرد على الأوضاع القائمة، ثم يكون للفنون دور في التأريخ للثورات بعد مرور فترة كافية لاستيعاب تفاعلاتها.

وفي رأي الروائي بهاء طاهر أن الإبداع ربما يكون في حالة ازدهار، لكنه لا يؤدي للتغيير، مستشهدا بوجود مواهب كبرى في عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك "وكانت في أفضل حالات الإبداع، ولم تسهم في تغيير الواقع".

وقال في ندوة (السينما والتغيير السياسي والاجتماعي في مصر) إن الفنون والآداب تحفز على التغيير، وتساعد على الوعي بالمشكلات، وتدعو إلى الأهداف التي تقوم بسببها الثورات وفي مقدمتها الحريات والعدالة الاجتماعية.

والندوة التي أدارها المخرج محمد كامل القليوبي ينظمها (مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية) الذي افتتح الأحد الماضي في مدينة الأقصر بجنوب مصر.

والمهرجان الذي تنظمه مؤسسة (نون للثقافة والفنون) وهي منظمة أهلية لا تهدف للربح، يختتم السبت القادم ويشارك في دورته الثانية 62 فيلما من 20 دولة.

وقال الناقد السينمائي علي أبو شادي في الندوة "الثورة تصنع فنا، لكن الفن لا يصنع ثورة" وإن للفنون دورا في التحريض، مستشهدا بأعمال منها مسرحية (عودة الروح) لتوفيق الحكيم التي كان الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر يستشهد بها ويراها من الأعمال التي أسهمت في تكوينه وحرضته على التمرد.

وأضاف أن التراكم الثقافي يؤدي إلى الثورة، ولو في جيل لاحق، أما التعبير عن الثورات فيحتاج إلى وقت للتأمل.

وقالت المخرجة هالة لطفي إن الثقافة المصرية ما زالت مركزية، وتعنى بالعاصمة على حساب الاهتمام بالأقاليم وإمدادها بوسائل الثقافة، بل إن فترة الستينيات التي شهدت زخما ثقافيا وفنيا يتمثل في إصدار الكتب وإنتاج الأفلام والعروض المسرحية "كانت مركزية وهذا نمط مضر ولا يفيد عموم الشعب".

وأضافت أن إرادة التغيير تنبع من الإنسان نفسه مشددة على أن الوعي العام لم يعد مرتبطا بالثقافة الرسمية بعد تعدد وسائل المعرفة "وتغيرها بالكامل... الثورة لم تكن ممكنة بدون التكنولوجيا الحديثة".

وقال القليوبي إن الإنفاق الحكومي على الثقافة في نظام مركزي مثل النظام المصري ضئيل جدا مقارنة بالإنفاق على قطاعات أخرى.

وأضاف أنه شهد لقاء مع الرئيس المؤقت عدلي منصور في القاهرة، وفي هذا اللقاء قال وزير الثقافة المصري محمد صابر عرب لرئيس الجمهورية إن "ميزانية وزارة الثقافة هي الأقل في (وزارات) الدولة والأقل في العالم".