تحفز الأعياد والمناسبات السعيدة إقبال البعض على الألعاب النارية، كطقس احتفالي يضفي على هذه الأجواء مسحة من الإثارة. لكن هذه المتعة عادة ما تكون محاطة بمخاطر ومفاجآت لا تحمد عقباها.

ولعل وعي الناس بخطورة هذه الألعاب الاحتفالية يجب أن يبدأ من الوقوف عند مفهوم هذه الألعاب التي لا تشبه سائر الألعاب الأخرى، كونها أساسا عبارة عن متفجرات ضعيفة الانفجار نسبيا، وتصنع من مواد كيماوية شديدة الاشتعال، وينتج اشتعالها العديد من الألوان.

أما تعدد الألوان وتباين درجاتها أثناء الاشتعال، فيعود إلى التحكم بدرجة وتنوع هذه الألوان حسب نوع المواد الكيماوية المستخدمة في صناعة المفرقعات.

وقد نشأت هذه الألعاب صدفة، وكان الظهور الأول لها في الصين قبل نحو ألفي عام من الآن، عندما قام أحد الطهاة بخلط الفحم مع الكبريت مع قليل من الملح الصخري، وضغط الخليط في أنابيب البامبو، فانفجرت محدثة أشكالا جذابة.

ومنذ ذلك الحين، دخلت الألعاب النارية أجواء الاحتفال وبات وقود المتعة فيها، حيث أقيم أكبر عرض للألعاب النارية على مستوى العالم في جزر ماديرا في البرتغال خلال الاحتفال بالعام الميلادي الجديد، وقد سجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

مناسبات صاخبة
وتحفز بعض المناسبات مثل الأعياد والاحتفالات وغيرها، رغبة بعض الناس في تعزيز البهجة فيها عبر أضواء وأصوات الألعاب النارية، كما تتعاظم شهوة المستفيدين من بيع هذه الألعاب خصيصا لهذه المناسبات التي عادة ما يرتفع فيها منسوب الطلب على هذه الألعاب الخطرة.

فاستهلاك آلاف الأطنان من الألعاب النارية والمفرقعات، يسجل خاصة في شهر رمضان المبارك والأعياد والمناسبات والأيام التي تليها. ويسبب ترويجها المتواصل في الأسواق استهلاكا مفرطا لها وتبذيرا كبيرا لدخل الأسر.

وفي المقابل يجني ثمار تسويق وترويج هذه الألعاب المحفوفة بالمخاطر بعض التجار الذين يرون فيها مصدرا للكسب بغض النظر عن مخاطرها الصحية والنفسية والبيئية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.
 
مخاطر محدقة  
وتمثل ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات سلوكا سلبيا يسود بعض المجتمعات رغم التحذيرات الصحية والاجتماعية من خطورة هذه الألعاب، في ظل إصرار الباعة على ترويجها.

وباتت هذه المواد تشكل خطرا ليس على مستخدميها فقط، بل على الموجودين في محيط استخدامها أيضا، لما تسببه من حروق وتشوهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة، كما تحدث أضرارا في الممتلكات جراء ما تسببه من حرائق، إضافة إلى التلوث الضوضائي.

يشار إلى أن الشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، تعتبر من العوامل المباشرة للإضرار بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة لأن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر.

وقد سجلت حالات إصابات عيون بعض الأشخاص بهذه الألعاب، وتمثلت في حروق في الجفن وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للبصر.

كما تعتبر الألعاب النارية من أسباب التلوث الكيماوي والفيزيائي، وكلاهما خطر، فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار ، بالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة على سبيل المثال.

ويؤذي الأطفال أحيانا بعضهم بعضا أثناء مزاولة هذه الألعاب، كما تؤدي البعض منها إلى ترويع الأطفال النائمين الذين يستيقظون على أصوات هذه المفرقعات بما يسبب لهم الهلع والخوف، وهذا وجه آخر للمضار النفسية المترتبة عن هذه الألعاب الخطرة.

فرحة تنغصها المفرقعات
وسجل الألعاب النارية يعج بالحوادث الخفيفة والأليمة، العابرة والكارثية،إذ لقي طفلان مصرعهما بمحافظة الجيزة المصرية، حين شب حريق هائل بشقة أحد الساكنين، وتبين أن الحريق ترتب عليه احتراق حجرة الطفلين التوأمين بالكامل بعد إصابتهما بحروق متفرقة بالجسم ونقلا إلى مستشفى وتوفيا عقب وصولهما متأثرين بإصابتهما. وبمناقشة والد الطفلين أقرر قيامهما باللهو بالألعاب النارية التي ترتب عنها الحادث.

والقصص عديدة والحوادث شتى، البعض يمكن ترميم تداعياتها والأخرى لا تحمد عقباها، لذلك سجلت تحركات في أقطار عدة لمكافحة هذه اللعاب و تقنينها و التوعية بمخاطرها على أكثر من صعيد.

فقد أصدرت دولة الإمارات قانونا يأطر هذه الظاهرة بقصد القضاء عليها، حيث يجرّم هذا القانون ممارسة الألعاب النارية، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تزيد عن 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استورد أو صدر أو باع أو اشترى أو حاز أو نقل أو خزن الألعاب النارية دون الحصول على التصريح اللازم لذلك.

وقد ضبطت شرطة دبي في إطار إحدى حملات مكافحة هذه الألعاب 50 طن ألعاب نارية خطرة مخزنة عشوائيا، ومعبأة داخل صناديق ومخزنة في أحد المستودعات.

كما قبضت إدارة التحريات والمباحث الجنائية بالقيادة العامة لشرطة عجمان، على شخص من إحدى الجنسيات الإفريقية، بتهمة الاتجار في الألعاب النارية من دون ترخيص، كان يروجها عن طريق عرض بضاعته للراغبين بالشراء، عبر إحدى وسائل التواصل الإلكتروني، "بلاك بيري" الخاص به.

وتوسعت هذه الحملات لتشمل مناطق متفرقة من العالم بحكم اجماع الأطراف المعنية فيها على خطورة هذه الألعاب، فبذلت و مازالت تبذل مجهودات جمة لمعالجة هذه الظاهرة الخطرة التي تتطلب تكاتفا لحصرها والقضاء عليها و تطويق تداعياتها.

ويبقى للمدرسة ووسائل الإعلام دور محوري في هذا الإطار إلى جانب دور الشرطة والأسرة للحد من هذه الممارسات.