يشوب صناعة الرياضة العديد من ملفات الفساد، والتي تقدر بمليارات الدولارات، وآخر الأرقام التي أعلن عنها بلغت ‬350 مليار دولار سنويا، إلا أن هناك شخصيتين رئيسيتين يظهر توقيعهما على معظم هذه الملفات، وهما رئيس الفيفا جوزيف بلاتر وعيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي (الكاف).

ومن أشهر اتهامات الفساد ضد بلاتر، كانت عام 2011 حينما خصص 20 مليون يورو من أموال الـ''فيفا'' لفريق العمل لمكافحة الفساد بالتعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية ''الإنتربول''، وهي ما سمي بـ"الملف الأسود".

ودفع بلاتر تلك الأموال للتحقيق بقضية التلاعب بنتائج حوالي 300 مباراة، بثلاث قارات مختلفة، وذلك في محاولة لغسل يديه من القضية.

وبذلك تجاوز الرئيس حدوده التنفيذية وهو ليس بالأسلوب المتسق مع الإجراءات المناسبة للـ''فيفا'' فلا يعقل أن تمول الـ''فيفا'' نشاطات الإنتربول واتحاداتها التابعة لها تعاني الفقر والقحط المادي.

وهناك الكثير من الأمور التي تثير حفيظة الملاحظين والمتتبعين لكرة القدم التي أصبحت تدار كما يدار العالم من قوة عظمى مدعومة من شركات كبرى (مثل نايكي وأديداس وبوما وكوكاكولا وبيبسي وغيرهم).

وأثير الكثير من الجدل في كأس العالم 2006 بسبب قرعة كأس العالم التي كانت تحتوي على الكثير من الظلم للبعض والكثير من التساهل للبعض الآخر.

وقام حينها مارادونا بفضح ''فيفا'' بقصة التلاعب في القرعة من أجل عيون بعض الفرق العالمية لضمان مشاركاتها وتأهلها، مما أحدث ثورة ضده في ذلك الوقت وشنت عليه حربا لا هوادة فيها، وأوقف وقتها مارادونا مرتين بسبب تعاطي المخدرات.

لقد أصبح بلاتر من الشخصيات المثيرة  للجدل فهو يصرح ويتدخل في أمور كان من باب المكانة الإدارية أن تتولاها جهات تنظيمية أو فنية، مثل تصريحاته بخصوص إقامة كأس العالم كل سنتين وغير ذلك مثل مشاركاته في القرعة شخصياً، وهذا ما أثار الشكوك في مدى دقة هذه القرعة واستخدام الكرات الحارة والباردة للتأثير على القرعة.

بلاتر والإنجليز

ويتمتع السويسري بدهاء كبير إذ أن الإنجليز فعلوا الكثير من أجل إبعاده عن السلطة في الـ''فيفا'' ولكنه ما زال صاحب السلطة الأكبر في عالم كرة القدم.

وشن الشارع الإنجليزي ضده هجوما لاذعا بعد خسارة إنجلترا لشرف تنظيم كأس العالم 2018، حيث تم اتهامه بالرشوة وبدأوا في البحث والكشف عن حالات الفساد المحتملة في إدارته.

واتهمت إنجلترا بلاتر ومعاونيه بتلقي رشوة لإنجاح الملف الروسي، إذ نشرت صحيفة ''غارديان'' تقريرا بشأن الأحداث، مؤكدة أن رئيس الاتحاد الدولي اجتمع مع شخصيات روسية مطلوبة من الشرطة الدولية ''إنتربول'' قبل عملية التصويت لاختيار البلد المنظم.

ورغم نفي بلاتر الشديد لتلك الأحداث إلا أن الإنجليز الذين يتمتعون بإعلام يعد من الأقوى تأثيرا على الساحة، ردوا عليه بطريقة لم يكن يتوقعها حين بث صورا له مع واحد من أشهر شخصيات المافيا الروسية ويدعى أليمزان توختاخينوف ويعد من المطلوبين لدى الشرطة الدولية لتورطه بجرائم عدة ويصنف من ضمن أخطر الرجال في روسيا.

وبذلك تكون الصحف الإنجليزية قد نجحت في إثبات بعض الفساد الإداري لدى ''فيفا'' من خلال صحيفة ''صنداي تايمز'' التي كشفت عن عملية بيع أصوات بين أعضاء ''فيفا'' للملفات المرشحة لاستضافة كأسي العالم في عامي 2018 و2022.

حياتو.. رأس الفساد بـالـ"كاف"

وكشفت تقارير إعلامية عام 2010 عن وثائق مهمة تثبت تورط ثلاثة أعضاء من "الفيفا"، من بينهم عيسى حياتو في قضية فساد واستلام الرشاوى سابقا، بالإضافة إلى "ريكاردو تيكسيرا" رئيس الاتحادية البرازيلية لكرة القدم وعضو في لجنة التنظيم لكأس العام، وكذلك البراغوياني "نيكولا ليوز" رئيس كونفديرالية أميركا الجنوبية لكرة القدم.

وتلقى الأعضاء الثلاثة الرشاوى من طرف وكالة الاتصالات المتخصصة في التسويق الرياضي، لتقوم ببيع الحقوق الحصرية لكأس العالم، وتتعلق هذه الوثائق الخاصة بالمؤسسة بـ157 دفعة غير قانونية في الفترة الممتدة بين 1989-1999 بقيمة 100 مليون دولار.

وتورطت الفيفا بالقضية حين برأت المتهمين وطوت الملفات، وعبرت عن استغرابها للضجة الإعلامية التي أثيرت عن قضية عادت وقتها إلى عشر سنوات خلت.

ويتساءل متابعون للشأن الكروي عن خبايا لجوء حياتو إلى إسناد تنظيم 3 بطولات إفريقية دفعة واحدة (2019 و2021 و2023)، مثلما كان الشأن حين أعلن عن تنظيم نسخ 2010 و2012 و2014 (قبل أن تحول إلى 2013) في موعد واحد، مع العلم بأن عهدة هذا الإطار الكاميروني تنتهي عام 2016 وكأنه يريد "تقاعدا مريحا" من خلال "التخليص بالجملة".

ووجهت للاتحاد الإفريقي المتمثل برئيسه حياتو، اتهامات بالفساد تتعلق بالملف القطري بتقديم الهدايا والمال لدعم ترشيح قطر لاستضافة كأس العالم 2022، وكان حياتو نفى هذه الاتهامات بشكل قاطع.

وقد تضررت الأندية الإفريقية في أكثر من مناسبة من فساد التحكيم الإفريقي، ولا زالت الشبهات في هذا الشأن تتجاوزه هو شخصيا لتصل إلى الهيكل الدولي المسؤول عن الكرة في العالم.

وتعد المسألة أعمق من مجرد خلل في الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم وهي مرتبطة بمنظومة عنقودية تتحكم في الكرة وما تدره من أرباح تصل إلى مئات المليارات وسلطة تتفوق على سلطات الحكومات والدول ولا بد من تغيير شامل في الفيفا أولا قبل المرور إلى تغيير رموز الفساد في الاتحادات القارية للكرة.