تسدل دورة كأس الخليج لكرة القدم الجمعة الستار على نسختها الحادية والعشرين التي تستضيفها البحرين، وتتجه الأنظار إلى مباراة نهائية مثالية بين منتخبي الإمارات والعراق اللذين لفتا الأنظار منذ البداية، وتصدرا سباق الترشيحات للقب.

ولم يكن المسار الذي خاضه كل من المنتخبين للوصول إلى المباراة النهائية سهلا على الإطلاق بوجود مجموعتين قويتين كان يصعب التكهن بهوية المتأهلين منهما إلى الدور نصف النهائي.

لكن "الأبيض" الإماراتي ومنتخب "أسود الرافدين" العراقي كانا محط الأنظار في هذا الدورة منذ الجولة الأولى، فقدما إلى الكرة الخليجية أسماء جديدة تعد بمستقبل باهر، وأداء فنيا جيدا منحهما علامات التفوق على الآخرين بوضوح.

وتحقق كل هذا بقيادة مدربين وطنيين، الإماراتي مهدي علي صاحب الإنجازات الكبيرة مع نفس الجيل من اللاعبين في منتخب الشباب والمنتخب الأولمبي، والعراقي حكيم شاكر القادم من إنجاز المركز الثاني آسيويا مع منتخب شباب العراق الذي أهله للمشاركة في بطولة العالم، ما دفع بالاتحاد العراقي إلى إسناد المهمة إليه بعد الاستقالة المفاجئة للبرازيلي زيكو.

وظفر المنتخب الإماراتي بلقب كأس الخليج مرة واحدة على أرضه عام 2007، في حين توج المنتخب العراقي ثلاث مرات لكن في الحقبة القديمة للدورة أعوام 1979 و1984 و1988 بقيادة مدرب محلي هو الراحل عمو بابا.

ولم يلتق المنتخبان سوى في سبع مباريات في دورات الخليج، ففاز العراق مرتين وتعادلا خمس مرات.

"الأبيض" الساحر

قدم منتخب الإمارات أفضل العروض الفنية في "خليجي 21" حتى الآن، بفضل انسجام لاعبيه ومهارتهم خصوصا عمر عبدالرحمن، مارادونا الخليج، الذي يتعامل مع الكرة بشكل راق جدا سواء في التمرير أو في الاختراق والتسديد أو في تخطي أي لاعب منافس، ما يجعله الورقة الرابحة في صفوف "الأبيض".

ويملك المدرب مهدي علي أيضا لاعبين قادرين على تحويل مجرى المباراة في أي لحظة مثل المهاجمين علي مبخوت (هدفين) وأحمد خليل (يتصدر ترتيب الهدافين بثلاثة أهداف)، فضلا عن عناصر متمكنة في جميع المراكز مثل عامر عبدالرحمن وحمدان الكمالي وإسماعيل الحمادي وعبدالعزيز هيكل ومهند العنزي وحبيب الفردان وخميس إسماعيل وغيرهم.

وبدأ منتخب الإمارات البطولة تحت ضغط إنجازاته السابقة التي حققها مع مهدي علي ومع معظم عناصره مع منتخب الشباب والمنتخب الأولمبي، فكان عند حسن الظن وتغلب على قطر في الجولة الأولى 3-1.

نجوم "الأبيض" يحتفلون بالتأهل إلى النهائي

وأكد الإماراتيون علو كعبهم في المباراة الثانية ضد منتخب البحرين، فاعتمدوا تكتيكا حذرا أمام أصحاب الأرض الذي يجيدون بدورهم السيطرة على الكرة وبناء الهجمات، لكنهم عرفوا طريقهم إلى الفوز 2-1 وحجزوا أولى بطاقات التأهل إلى نصف النهائي.

وأراح مهدي علي العديد من لاعبيه الأساسيين، ومنح الفرصة لآخرين لخوض المباراة الثالثة أمام عمان، فكانوا على قدر المسؤولية أيضا ليخرج المنتخب بالعلامة الكاملة بعد هدفين لأحمد خليل.

وارتفعت وتيرة الضغط الإعلامي والجماهيري في دور الأربعة بمواجهة من العيار الثقيل بين الإمارات والكويت، مع وجود نحو 7 آلاف إماراتي حضروا إلى المنامة عبر الطائرات التي وضعت تحت تصرف الجماهير، وأيضا عبر البر.

جماهير الإمارات ساندت "الأبيض" بقوة

وأدى المنتخب الإماراتي جيدا أمام "الأزرق" الكويتي صاحب الألقاب العشرة في البطولة، وكان المبادر إلى الهجوم وأحكم سيطرته شبه التامة على المجريات مهدرا العديد من الفرص، إلى أن خطف أحمد خليل هدفا قاتلا في الدقيقة قبل الأخيرة مانحا فريقه بطاقة التأهل إلى المباراة النهائية.

نال الجيل الإماراتي المديح من الجميع، وما قدمه حتى الآن يؤكد أنه يفوق المنتخبات الخليجية قدرة على تأدية الأساليب التكتيكية والجمل الكروية الجميلة، ومعدل أعمار لاعبيه الذي لا يتخطى الرابعة والعشرين تجعله ينتقل إلى رحاب أوسع إن كان في تصفيات كأس آسيا ونهائيات البطولة، أو حتى في تصفيات كأس العالم ومحاولة بلوغ نهائيات 2018 في روسيا.

ويقول المدرب مهدي علي "لاعبي الإمارات ينفذون التعليمات المطلوبة منهم جيدا، وهذا ما حصل أمام الكويت"، واعدا "بحمل كأس البطولة إلى الإمارات".

نجوم العراق بلغوا المباراة النهائية بجدارة

طموح "أسود الرافدين"

حصد منتخب العراق العلامة كاملة أيضا في الدور الأول في مجموعة ضمت منتخبين كبيرين هما الكويتي والسعودي، فضلا عن المنتخب اليمني حديث العهد في دورات الخليج.

وكانت البداية أمام "الأخضر" بقيادة المدرب الهولندي فرانك رايكارد الذي أقيل من منصبه الأربعاء، فعرف حكيم شاكر كيف يظهر مستوى لاعبيه الذين كانوا الأفضل في الانتشار والسيطرة على المجريات وخرجوا بهدفين نظيفين.

وأعادت المباراة الثانية مع الكويت ذكريات قديمة بين المنتخبين، لكن العراقيين أكدوا تفوقهم بهدف وحيد ضمنوا به التأهل إلى دور الأربعة.

وفي المباراة الثالثة مع اليمن أضافوا الفوز الثالث بهدفين دون رد، ليؤكدوا الترشيحات التي أهلتهم مع الإماراتيين للذهاب بعيدا في البطولة.

وخلافا للدور الأول، لم يقدم منتخب "أسود الرافدين" المستوى المطلوب، على الأقل من الناحية الهجومية، أمام منتخب البحرين صاحب الأرض والجمهور في نصف النهائي، فبعد أن تقدم عبر يونس محمود، تحمل ضغطا كبيرا وهجمات بالجملة لتهتز شباك الحارس نور صبري للمرة الأولى في البطولة.

وكشف الشوط الثاني هبوط مستوى اللياقة البدنية عند العراقيين، التي قد تلعب دورا أمام الإمارات، وذلك بعد أن خاضوا شوطين إضافيين، ثم ركلات ترجيح حملتهم إلى النهائي بعد تألق نور صبري في صد ركلتين وتصديه لتنفيذ الركلة الخامسة حيث نجح بوضع الكرة في شباك حارس البحرين.

جماهير العراق ساندت لاعبيها

وكما هي حال المنتخب الإماراتي، يمتلك العراقيون جيلا واعدا من اللاعبين أمثال أحمد إبراهيم وعلي عدنان كاظم وأحمد ياسين وهمام طارق وحمادي أحمد، هذا فضلا عن الحارس نور صبري والمهاجم يونس محمود وسلام شاكر وعلاء عبدالزهرة وعلي حسين رحيمة وغيرهم.

ويقول المدرب حكيم شاكر "جئنا في بادئ الأمر إلى المنامة بغرض رفع مستويات إعداد المنتخب وتحضيره بشكل أفضل من خلال هذه البطولة إلى باقي مشوار تصفيات مونديال البرازيل 2014".

وأضاف "لكن الآن تغيرت الحال، لقد حققنا أهدافا أولية وبدأت التطلعات تنصب باتجاه اللقب".