في مظاهرة حاشدة نظمها أنصار حزبه بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس، قال رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة السبت إن الحركة "لن تفرط في السلطة"، معتبرا قرار رئيس الحكومة حمادي الجبالي، الأمين العام للحركة، تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية "انقلابا على شرعية الحكومة" الحالية.

وقال الغنوشي إن "النهضة لن تفرط في السلطة أبدا ما دامت تتمتع بثقة الشعب التونسي" مضيفا أن تشكيل "حكومة تكنوقراط يعني إلغاء الحكومة (الحالية) المنتخبة" و"انقلابا" على شرعيتها.

وأضاف "نحن مع حكومة ائتلاف وطني (...) تتمتع بشرعية المجلس الوطني التأسيسي" (البرلمان) المنبثق من انتخابات 23 تشرين أكتوبر 2011 والذي تملك فيه النهضة غالبية المقاعد (89 من إجمالي 217).

واعتبر ان "المؤامرات متواصلة ضد النهضة" منذ فوزها في الانتخابات، محذرا من أن "تمزيق النهضة ليس (فيه) مصلحة لكم (المعارضة) ولا للبلاد لأن النهضة هي العمود الفقري الذي يمسك البلاد".

وأضاف أن "تمزيق النهضة او إقصاء النهضة بالقوة او بالحيلة عن الحكم بتونس (..) لا يمثل مصلحة لتونس وانما يعرض الوحدة الوطنية وامن تونس للخطر".

وطالب المتظاهرون بالدفاع عن "شرعية" المجلس الوطني التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه، إضافة إلى التنديد بالمعارضة التي اتهموها بالارتباط بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وتشهد تونس التي كانت مهد ما عرف بـ"الربيع العربي" أزمة سياسية هي الأسوأ في البلاد إثر اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد الأسبوع الماضي على يد مجهولين أمام بيته.

وبعد مقتل بلعيد قال رئيس الوزراء حمادي الجبالي إنه سيشكل حكومة كفاءات لاحتواء الأزمة لكن حزبه النهضة الإسلامي الذي ينتمي إليه رفض مقترحه مما دفعه للتلويح  بالاستقالة.

ورفع المتظاهرون شعارات "الشعب يريد النهضة من جديد" " لا تراجع عن الشرعية" "أوفياء أوفياء لدماء الشهداء"، كما رددوا أهازيج تنادي بالوحدة الوطنية والمطالبة باجتثاث "فلول" النظام السابق.

وجرت المظاهرة وسط إجراءات أمنية مكثفة دون أن يتم تسجيل أي مواجهات. وبدت المظاهرة أقرب إلى استعراض للقوة بعد أن خرج الأسبوع الماضي عشرات الآلاف من العلمانيين في جنازة شكري بلعيد وصفت بأنها أكبر حشد منذ الثورة.

وترى حركة النهضة أن تونس تحتاج في هذه المرحلة إلى حكومة ائتلاف سياسية تجمع أكبر عدد من الأحزاب السياسية في البلاد.

ومن المفارقات أن مبادرة رئيس الحكومة بتكوين حكومة غير سياسية تحظى بموافقة أغلب الأحزاب العلمانية المعارضة التي ترى أنها أفضل مخرج للأزمة السياسية للبلاد بينما يرفضها حزبه.

وجمع الجبالي الجمعة ولأول مرة حركة النهضة الإسلامية مع أغلب الأحزاب العلمانية على طاولة الحوار لمناقشة الحكومة الجديدة. وقال الجبالي عقب الاجتماع إن المشاورات كانت إيجابية وستستمر يوم الاثنين المقبل.

المعارضة: شعبية النهضة تتراجع

"العكرمي: التظاهرات التي أطلقت عليها حركة النهضة مليونية، لم يتجاوز عدد المشاركين فيها ستة آلاف شخص."

في غضون ذلك، قلل الناطق باسم حركة نداء تونس محمد الأزهر العكرمي، السبت، من أهمية مظاهرات حركة النهضة، وقال في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية": "إن التظاهرات التي أطلقت عليها حركة النهضة مليونية، لم يتجاوز عدد المشاركين فيها ستة آلاف شخص"، ما اعتبره "مؤشر كبير" على تراجع شعبية الحركة النهضة في الشارع التونسي.

واتهم العكرمي حركة النهضة بـ"صد المبادرة التي تقدم بها رئيس الوزراء حمادي الجبالي، والتي طرحها بسبب دخول البلاد في نفق مظلم" على حد تعبيره. وأضاف أن "حكومة الجبالي فشلت نتيجة التجاذب السياسي والمحاصصة الحزبية على مدار سبعة أشهر، لم يتوقف خلالها الحديث عن توسيع قاعدة المشاركة في الحكومة وتغييرها بحكومة أخرى".

وأوضح ان اغتيال بلعيد دفع الجبالي إلى "دق جرس الخطر"، عبر طرح تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، الأمر الذي من شأنه أن "ينقص منسوب التجاذب الحزبي" في البلاد.

وحركة نداء تونس هي حزب ضمن "جبهة الاتحاد من أجل تونس" التي تضم خمسة أحزاب. ووصف العكرمي مبادرة الجبالي بأنها "خطوة في الطريق الصحيح، وأن الالتفاف عليها جاء من حزبه (حركة النهضة)، وسننتظر إلى يوم الاثنين ماذا سيفعل رئيس الوزراء، وعلى ضوئه يمكن أن نحدد موقف مع شركائنا".

وأشار إلى أن مفاوضات الجبالي مع حركة النهضة يمكن أن يصل إلى حل توافقي يتم بموجبه تحييد الوزارات السيادية (الداخلية، العدل والخارجية) وتسليم بعض الوزارات إلى أحزاب أخرى.