ذات يوم من عام 2104، ظهر مقاتلوا تنظيم داعش الإرهابي في العراق، كأشباح من اللا مكان، ففي مطلع ذلك العام، سيطر داعش على مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار العراقية، ومعها عدد من المدن والبلدات القريبة.

وخلال ساعات من يونيو 2014، كان الجيش العراقي قد سلم التنظيم الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وفر، ووصف تحقيق لمجلة نيويورك تايمز الواقعة، بأحد أكثر الأعمال العسكرية غرابة في التاريخ الحديث.

فلم يستوعب أحد حينها، سر الانهيار الكبير لجيش حديث، ومسلح، يضم في صفوفه عشرات الآلاف من الجنود، أمام مجموعة مسلحة لا يتجاوز عدد أفرادها 1500 مسلح.

وبعد السيطرة على الموصل، تقدم داعش بسرعة تجاه بيجي، وفي الحادي عشر من يونيو من 2014، دخل التنظيم مدينة تكريت نفسها، وفي تكريت، كما في الموصل وبيجي وبعدها كركوك، لم يبد الجيش العراقي أي مقاومة.

وكثرت حينها نظريات التبرير، تحاول التفسير، لكن كاتب التحقيق في نيويورك تايمو سكوت أندرسون، عزا الأمر إلى ما وصفها بعدم كفاءة وفساد، فعشر سنوات من حكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كانت كفيلة حسب التحقيق، بتمكين جهات بعينها من الهيمنة على مفاصل الدولة، بما فيها الجيش.

وهذا انعكست حاله من عدم الاحترام للحكومة والجيش، لدى الكثير من الأهالي، ووعيد بالانتقام، فكان ذلك سببا رئيسا، في الفرار الصادم للجيش الذي خشي حينها انتفاضة جماعية ضده.

وأمام الأداء المخزي للجيش العراقي بحسب التحقيق، صبت واشنطن جام غضبها على رأس الحكومة العراقية. وأصبحت قوات البشمركة الكردية رهانها الأول في حربها ضد داعش في المنطقة، بعد أن أثبتت تلك القوات حماستها،وقدرتها.

على الجانب الآخر، كانت تسير محاولات التوصل إلى نوع من التقارب بين البيشمركة، والجيش العراقي، بخطى بطيئة لحساسيات تاريخية، يقول تحقيق المجلة: "عمليًا لم تكن السلطات الكردية تثق كثيرًا في نظرائها من العراقيين، ولا ترى سببًا وجيهًا للتعاون معهم في الأمور الأمنية".

وخلال الأيام الأولى من تقدم داعش باتجاه إقليم كردستان كان أداء البيشمركة مهتزًا، وعزا الكاتب الأمر إلى انقسام في صفوف البيشمركة، ليتسلل التنظيم من بين شقوق تلك القوات، ويستغل الأمر في تقدمه، فيبدأ حملته البشعة في سنجار ضد الأيزيديين.

أما تمدد داعش في شرق سوريا بداية عام 2014، فالتحقيق أثار اتهامات لتركيا بالتهاون حينها في ضبط حدودها عمدًا، مما سمح لداعش، بالمرور عبرها نحو سوريا والعراق، بلا حسيب ولا رقيب، فغير جغرافية مناطق هناك، ومسح تاريخها.