في السابع عشر من ديسمبر الماضي تم التوقيع على الاتفاق السياسي الليبي الذي يعرف باتفاق الصخيرات، وهو نتاج لحوارات عدة جرت في دول مختلفة كانت مدينة الصخيرات المغربية آخر محطاتها.

اجتمعت أطراف ليبية عدة واتفقوا على تشكيل حكومة ليبية واحدة لتسيير أمور البلاد. حينها كان الانقسام السياسي سيد الموقف وتطلع الكثيرون إلى الاتفاق السياسي على أنه طوق النجاة الذي ستنقذ ليبيا من الانهيار.

لكن أولى القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة بعد التوقيع على الاتفاق السياسي أثارت جدلا كبيرا في الشارع الليبي، فقد تم اختيار عضو مجلس النواب الليبي فايز السراج رئيسا لحكومة الوفاق رغم أنه لم يكن من بين الأسماء المطروحة لنيل هذا المنصب.

وطلبت الأمم المتحدة من مجلس النواب والمؤتمر الوطني تقديم أسماء مرشحيهم لرئاسة الحكومة، وقام الطرفان بذلك، إلا أن المبعوث الدولي إلى ليبيا آنذاك برناندينو ليون أعلن في مؤتمر صحفي اختيار السراج رئيسا للمجلس الرئاسي.

وحتى اليوم لا يعلم الليبيون الجهة التي اختارت رئيس حكومة الوفاق.

ونص الاتفاق السياسي على أن مقر المجلس الرئاسي هو العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن المجلس باشر اجتماعاته من تونس، فقد رفضت الميليشيات التي تسيطر على العاصمة دخول هذا الجسم الجديد إليها، واستمر المجلس الرئاسي في عقد جلساته في تونس لأكثر من ثلاثة أشهر.

وفي الثلاثين من مارس الماضي استطاع المجلس الرئاسي الوصول إلى طرابلس على ظهر فرقاطة بحرية تحت حماية قوات إيطالية، ولجأ المجلس إلى السفر بحرا بعد رفض الميليشيات المسيطرة على مطار معيتيقة نزول الطائرة التي كانت تقل السراج وأعضاء المجلس.

حكومة السراج.. تصعيد بالهلال النفطي

واتخذ المجلس الرئاسي من قاعدة أبوستة البحرية مقرا له، حيث رفضت حكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني تسليم مقارهما لحكومة الوفاق.

وبعد مرور عام على توقيع الاتفاق السياسي لا يرى الليبيون أي جديد، بل إن الوضع قد تأزم وتفاقم، فمنذ دخول المجلس الرئاسي العاصمة الليبية، ارتفعت وتيرة عمليات الاختطاف والاغتيالات بشكل عام في طرابلس، كما تراجعت قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي، من 2.5 دينار للدولار قبل دخول المجلس الرئاسي طرابلس، إلى 6.5 دينار مقابل الدولار الآن.

وعلى أثر ذلك شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا كبيرا، كما تواجه المصارف الليبية في أغلب المدن ازدحاما شديدا بسبب نقص السيولة فيها.

ومن جهة أخرى، فقد نص الاتفاق السياسي على ضرورة انسحاب التشكيلات المسلحة من المدن الليبية بعد 30 يوما من توقيع الأطراف المختلفة، إلا أن ذلك لم يحدث.

بل أقدم المجلس الرئاسي على خطوة خطيرة، إذ طلب من بعض هذه الميليشيات المسلحة حمايته مما أثار غضب الشارع الليبي، فقد رأوا فيها خيانة لدماء الضحايا الذين فقدوا أرواحهم على يد هذه الميليشيات.

وأكد هذا الموقف ضعف المجلس الرئاسي وفشله في خلق أي توافق حقيقي على الأرض.

ومع فشل المجلس الرئاسي في إيجاد حلول للأزمات التي تواجه الليبيين ورفض الشارع الليبي له، يصر المجتمع الدولي على دعمه والدفع به باعتبار أنه الحل الوحيد في ليبيا.

دخول اتفاق الصخيرات حيز التنفيذ يتطلب تعديل الإعلان الدستوري من قبل مجلس النواب الليبي، إلا أن ذلك لم يحدث، وهذا يعني أن الاتفاق السياسي يظل حبرا على ورق، وبالتالي تبقى الحكومة غير دستورية تواجه مأزقا لممارسة مهامها العادية مثل اعتماد السفراء وتعيين وزراء وطلب دعم عسكري لمحاربة داعش وإصدار القرارات.

وعند النظر إلى الساحة الليبية اليوم يمكن ملاحظة أن حكومة الوفاق أصبحت طرفا في الصراع في ليبيا وليس جزءا من الحل، فهل سيصدر مجلس النواب خارطة طريق تخرج ليبيا من أزمتها؟

اجتماع لندن يجدد دعمه لحكومة السراج