مآسي الحروب وفظائعها لا تتوقف منذ فجر التاريخ، لكنها تتخذ في عصرنا الحديث شكلا أكثر دموية، وتثير أشكالا متناقضة من المشاعر عندما تنقلها الصورة في وسائل الإعلام المختلفة.

صور تؤطر لحظات من وجع الإنسان الناتج عن وحشية الإنسان، وتحفر في ضمائر البشر، ممن بقيت لديهم بعض سمات الرحمة والرأفة في عالم بات يفقد شيئا فشيئا الكثير من إنسانيته. صور تحرك الوجدان في مجتمعات فتأسر قلوبَها، وتُغيّب أخرى عن البصر، وينسى العالم مآسي أصحابها.

يقال إن الصورة تعبر أفضل من ألف كلمة، الآن هناك صور تعبر عن عشرات الآلاف من الكلمات، لارتباطها بأطفال، ليس لهم ذنب، لكنهم ولدوا في أتون الحرب. فباتت صورهم، أيقونات سجلت لحظات، لتؤرخ مآسي فتحفظ من النسيان.

من تلك الصور ما وجد صدى في العالم، فأنهت حروبا، وصور أخرى لا تزال تنتظر ولا يزال أصحابها يعيشون المأساة.

أطفال الحروب.. وجع بضمير الإنسانية

صورة الطفلة الفيتنامية وهي تهرول عارية تصرخ من آلام النيران التي أحرقت جسدها، أنهت حرب فيتنام، لتجسيدها مدى فظاعتها. لتبقى صورة كيم، محفورة في ذاكرة التاريخ، كإحدى أبشع صور حروب القرن العشرين.

في ألمانيا، لم ينس العالم صورة امتزج فيها البؤس والخوف. جندي يساعد طفلا صغيرا على اجتياز جدار برلين، الذي قسم المدينة مدة 28‏ عاما.

صور، تجاوزت عامة الناس ووصلت إلى القادة لتحركهم وتدفعهم لاتخاذ قرارات تنهي بعض المآسي، على غرار صور تشعر الناظر إليها أنه متورط بها وكأنه مذنب، حتى لو ابتعد مسافات عنها جغرافيا.

مجزرة قانا كانت إحدى عناوين تلك الصور. فصور أطفال المذبحة في قانا وثقت يوما لن ينساه اللبنانيون، ولا العالم.

أطفال الحروب.. الضحية والجلاد

صورة محمد الدرة، هزت مشاعر العالم الصامت. أب يحاول حماية طفله، قبل أن تقتله نيران الجيش الإسرائيلي.

صورة طفل رضيع، ضرج كفنه بالدماء، وثقت جريمة قصف ملجأ العامرية في العراق. جريمة راح ضحيتها أكثر من 400 شخص.

أما في سوريا، فكان للأطفال الحكاية الأكبر في توثيق فظاعة الحرب. أطفال، دفعوا الفاتورة الأقسى، لواحدة من أسوأ حروب التاريخ. صورة الطفل الغريق إيلان، الذي لفظته أمواج اللجوء، على شاطئ تركي.

قذفت الصورة العالم بموجة غضب، مزجت بنكهة الحزن، وأحدثت انقلابا في لغة المناظرة بشأن الهجرة، لتسلط الضوء على أزمة اللاجئين، ورحلات الموت.

أما الطفل عمران، وعمره  من عمر الأزمة السورية، فصدمت العالم. فتعابير وجهه الذي اعتراه الصمت، وهو يتفحص الدماء الممزوجة بالغبار، يجعل حتى الأطفال مذهولين، فلا يبكون أو يخافون كبقية أطفال الأرض.

وفي ظل ميزان عدالة أعرج، لم تغير صور الأطفال في المنطقة، في مجرى الحرب أمرا، فبات الأطفال يلجؤون إلى العدالة السماوية.

غزة.. قصة الحروب بلغة الأطفال