بعد 10 سنوات من العلاقات المتوترة بين مشيخة الأزهر الشريف والفاتيكان، أدخل لقاء جمع الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس، الاثنين، المؤسستين الدينيتين مرحلة جديدة في المصالحة.

وبحسب بيان للفاتيكان فإن المسؤولين الدينيين أشادا بـ"الدلالات المهمة لهذا اللقاء الجديد، في إطار الحوار بين الإسلام والكنيسة الكاثوليكية"، بعد اجتماع وصف بالتاريخي و"الودي جدا"، وشهد معانقة بينهما.

ويأتي هذا اللقاء بين شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بعد 10 سنوات من العلاقات المتوترة، بسبب تصريحات أدلى بها البابا السابق بنديكت الـ16، وفسرت على أنها تربط بين الإسلام والعنف.

وتدنت العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والعالم الإسلامي في سبتمبر من عام 2006 عندما ألقى البابا محاضرة في جامعة ألمانية، أشار فيها ضمنيا إلي أنه يعتقد أن الإسلام ينزع إلي العنف، ويفتقر إلي العقلانية.

واقتبس حينها البابا بنديكت مقطعا من حوار دار في القرن الـ14 بين إمبراطور بيزنطي ومثقف فارسي. واستعاد قول الإمبراطور: "أَرِني ماذا قدم محمد من جديد، وسوف لن تجد إلا أمورا شيطانية وغير إنسانية، مثل أوامره التي دعا فيها بنشر الإيمان عن طريق السيف".

واحتج المسلمون في أرجاء العالم فيما سعى البابا، الذي قال إنه لا يتفق مع الإمبراطور البيزنطي الذي اقتبس كلماته، إلي إصلاح الأمر بزيارة المسجد الأزرق الشهير في مدينة إسطنبول التركية، والصلاة باتجاه مكة المكرمة مع إمامه.

وأعرب البابا بنديكت مرارا عن أسفه لرد الفعل على خطابه، لكنه لم يقدم اعتذارا واضحا طلبه المسلمون حينها.

تعميد مسلم

وفي 2008 قام البابا بنديكت بتعميد المسلم الإيطالي مجدي علام، المصري المولد، الذي تحول إلي المسيحية، مما أثار انتقادات في العالم الإسلامي.

وبعد ساعات من تعميد علام تحدث البابا في القداس عن "المعجزة" المستمرة للتحول إلى المسيحية بعد نحو ألفي عام من قيامة المسيح.

ووصف البعض خطوة البابا بنديكت حينها بـ"المستفزة" لأنه قام بالتعميد لعلام، أثناء قداس عشية عيد القيامة في ساحة القديس بطرس، أذيع تلفزيونيا في أرجاء العالم.

وتساءل منتقدو خطوة التعميد عن سبب اختيار البابا تسليط الضوء على تحول علام، المعروف في إيطاليا بهجماته على الإسلام، إلي المسيحية.

تجميد العلاقات

واستأنف الطرفان في عام 2009 الحوار بينهما، لكن الأمور تأزمت مجددا مطلع يناير 2011 إثر إدانة البابا المستقيل في فبراير 2013، لتفجير كنيسة القديسين في مدينة الإسكندرية (شمالي مصر)، داعيا إلى حماية المسيحيين في مصر، بعد هجوم بقنبلة خارج الكنيسة، مما أسفر عن مقتل 23 شخصا.

وقرر الأزهر عقب هذا الموقف تجميد علاقاته مع الفاتيكان لأجل غير مسمى، بسبب ما اعتبره آنذاك تعرضا متكررا من بابا الفاتيكان السابق للإسلام "بشكل سلبي".

وبعد تولي البابا فرنسيس الأول رئاسة الكنيسة الكاثوليكية في 2013، استؤنف الحوار شيئا فشيئا مع تبادل الموفدين. وبعث الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ببرقية تهنئة باسم الأزهر إلى البابا الجديد.

وأعلن الأزهر أن عودة العلاقات المقطوعة مع الفاتيكان رهنٌ بما يقدمه من خطواتٍ إيجابيةٍ جادة تـُظهر احترام الإسلام والمسلمين، فيما عكف البابا فرنسيس، منذ انتخابه، على تحسين العلاقات بين الأديان، وزار وفد من الفاتيكان القاهرة في فبراير الماضي، وامتدت الدعوة ليزور الطيب الفاتيكان.