تؤكد التقارير أن تنظيم داعش المتطرف يشهد انشقاقات كبيرة في صفوفه في الفترة الأخيرة بسبب تحديات داخلية وخارجية التي يواجهها التنظيم، إذ بات المئات من عناصره يفرون من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم باتجاه تركيا أو الدول المجاورة.

وتعزى أسباب الانشقاقات إلى تزايد حدة التوترات بين مسلحي التنظيم بدافع الخلافات العقائدية والفكرية بسبب أصولهم ومنابتهم القادمة من مشارق الأرض ومغاربها، إضافة إلى النزاعات بين عناصر التنظيم والسكان المحليين وإخفاقه في تجنيدهم وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية لساحات القتال والانتكاسات التي مني بها في المناطق التي سيطر عليها.

وتجلت الخلاقات والنزاعات أيضا بين مسلحي التنظيم المحليين والمسلحين الأجانب القادمين إليه من الخارج في المعاملة التمييزية التي يحظى بها العناصر الأجنبية، من حيث الأوضاع المعيشية التي يعيشونها والرواتب الشهرية التي يتلقونها وتوزيع السبايا والغنائم.

وشكل الانتقال والتغيير الجذري الحياتي للمسلحين الأجانب الذين قدموا من المدن وتعودوا على رغد العيش وكمالياته هاجسا كبيرا خاصة لدى الشباب الذين لم يألفوا ظلف العيش وانخدعوا بالإغراءات والعهود الرنانة للتنظيم، حتى بات يراودهم حلم العودة لما كان عليه حالهم، وكيفية الخروج من عباءة التنظيم.

 فقد ترجمت الخلافات إلى اقتتال داخلي ومواجهات وحشية بين صفوف التنظيم، كما نتج عنها تصفيات واعتقالات لمعارضي التنظيم، حسبما ذكرت قيادات بعض التنظيم التي خرجت عليه.

وفي حديث لموقع سكاي نيوز عربية، أشار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السعودي خالد الفرم إن هناك أسبابا عدة تفسر الفرار الجماعي لعناصر التنظيم ، منها ما يتعلق بهشاشة بنية التنظيم داخليا وعدم وجود روابط لهذا التنظيم بالمعنى الفكري والسياسي إضافة إلى اكتشاف حقيقة التنظيم داخليا.

وأضاف الفرم أن حالة الانفتاح في خطاب العديد من الدول الإقليمية، وإشراك كافة مكونات وعناصر المجتمع في محاربة التطرف الفكري ساهمت في انحسار حالة الاستقطاب للتنظيم الذي كان يعول عليها كذخيرة استراتيجية، مشيرا إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا ربما تأتي بنتائج عكسية وتغذي الخطاب الأيدولوجي لداعش لمحاربة الأجنبي وطرد المحتل.

داعش يصفي المئات من عناصره

ومؤخرا، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان تصريحات لأحد القيادات المنشقة عن داعش قوله إن التنظيم أقدم على تصفية مئات من مسلحيه من الشيشان وعناصر أخرى قادمين من وسط آسيا حالوا الانشقاق عنه.

وأشار القيادي، بحسب المرصد، إلى أن سبب الانشقاق يعود إلى اعتقاد المسلحين بأن خيار القتال مع داعش كان اختيارا خاطئا، بسبب الخلافات بشأن العقيدة القتالية للتنظيم وأنه كان الأحرى بهم القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد خاصة مع تسارع وتيرة الأحداث بالتدخل العسكري الروسي خلال الأسابيع الماضية.

وعبر تسجيل صوتي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي في مايو الماضي، أكد أبو الوليد المقدسي، وهو أحد القيادات في صفوف داعش، أن بنية التنظيم بدأت بالاهتراء من الداخل بسبب الممارسات التي لا تمت للإسلام بصلة كالنزاع على السلطة والسلطان ، والفساد الذي بات يأكل أوصال التنظيم من الداخل.

وأشارت أنباء أخرى إلى انشقاقات بين صفوف داعش في قضاء الرطبة غربي الأنبار على خلفية توزيع السرقات من معبر طريبيل غربي الأنبار.

كما أوردت تقارير عدة تشير إلى حدوث انشقاقات وفرار جماعي في صفوف داعش ومحاولة لأمراء الحرب في التنظيم خارج الأنبار.

ويبدو أن المنتمين للتنظيم باتوا يعيشون حالة من التململ بسبب الصدمة التي يعيشونها على أرض الواقع بخلاف ما اجترحته لهم أحلامهم الطوباوية عن تلك الهالة التي أحاطت بالتنظيم ليصطدموا بأوضاع معيشية بائسة وتنظيم استبدادي استشرى فيه الفساد والنهب والاختلاسات.