في وقت اهتمت فيه وسائل إعلام عربية ودولية باتفاق المصالحة الفلسطينية، لا ينظر كثير من الفلسطينيين الذي يعانون الأمرين في بعض بلدان الشتات إلى الاتفاق باهتمام يذكر، فتشكيل حكومة توافق لا تعني شيئا لبعضهم ممن يرون في وكالة الأونروا الفقيرة "ممثلهم الشرعي".

أحمد سليمان، وهو شاب فلسطيني، هرب من جحيم الموت في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطيني في دمشق وعبر في مغامرة غير مأمونة العواقب الحدود اللبنانية أملا في إيجاد حياة جديدة ينقذ من خلالها عائلته التي اكتسبت صفة جديدة بجانب كونها لاجئة لتصبح نازحة أيضا.

ولا يرى سليمان الذي يبحث عن عمل من أجل سد حاجات عائلته في اتفاق المصالحة أي تأثير على وضعه أو أوضاع آلاف الفلسطينيين اللاجئين الذين نزحوا من سوريا أو الذين يعيشون في مخيمات في لبنان.

ويقول لسكاي نيوز عربية: "المصالحة جاءت بعد أن تعمقت مشكلة اللاجئ الفلسطيني.. نحن لا ننتظر إعادة توحيد المرجعية الفلسطينية بقدر ما ننتظر أن يؤدي ذلك إلى وضع حد لمعاناتنا".

ويشير سليمان إلى غلاء المعيشة في لبنان فضلا عن عدم كفاية المساعدة التي تأتي من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، قائلا: "نعاني أوضاعا مزرية في لبنان ووكالة الغوث (الأونروا) لا تقدم سوى مساعدة مالية بسيطة لا تسد حاجة فرد واحد لمدة 5 أيام".

"لا تعنينا"

وبالنسبة لعلاء عبود اللاجئ في سوريا، فإن اتفاقات المصالحة كانت محط اهتمامه "لحظة بلحظة" قبل عامين، لكن " بعد صمت الفصائل والسلطة على ما حدث بمخيمات اللاجئين في سوريا وتدميرها وخاصة اليرموك، ووقوع مئات القتلى الفلسطيني.. أصبح الأمر لا يهمني."

ولا يختلف وضع هبة عيسى عن سليمان وعبود، فقد خرجت مع عائلتها من مخيم اليرموك بعدما تحول لساحة حرب.

وتقول هبة:" ليس أمامنا سوى الأونروا نلجأ إليها لمساعدتنا لكن السلطة الفلسطينية ليس لها أي وجود عندنا.. واتفاق المصالحة لا يعنينا".

واتفقت منظمة التحرير بقيادة فتح مع حركة حماس، الأربعاء، على تشكيل حكومة توافق وطني خلال خمسة أسابيع، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. والاتفاق هو الأحدث في سلسلة اتفاقات مماثلة لم تنفذ.

وتعتبر ميرهان مصطفى التي تحمل هوية زرقاء كونها من سكان القدس أن "الأمر لا دخل له بالمواطن الفلسطيني بل له علاقة بمصالح سياسية لكل طرف"، بحسب رأيها.

فرص ضئيلة

ويقول مدير تحرير مجلة الدراسات الفلسطينية أحمد خليفة لسكاي نيوز إنه "إذا نجحت عملية تشكيل حكومة توافق وطني، فإن فرص قيام هذه الحكومة بمسؤولياتها خاصة تلك المتعلقة باللاجئين ضئيلة للغاية".

ويشير خليفة إلى الرفض الإسرائيلي والأميركي لاتفاق المصالحة وما سيترتب على ذلك من ضعوط على الدول المانحة للفلسطينيين، قائلا:" السلطة الفلسطينية قبل اتفاق المصالحة لم تقدم شيئا يذكر للاجئين، وبعد المصالحة ستزيد الضغوط".

ويلفت المحلل الفلسطيني إلى أن الأونروا التي تمثل الجهة الرسمية لتلقي المعونات الدولية للفلسطينيين تعاني من نقص الإمكانيات، ولن تستطيع تلبية حاجات مئات آلاف الفلسطينيين النازحين والآخرين المقيمين في مخيمات اللجوء بدول عدة  إذا أحجمت الدول المانحة عن دعم الفلسطينيين.

ومن جانبه، يرى نائب رئيس دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان محمد أبو بكر أن " المصالحة مسألة أبعد من أن يكون لها تأثير على فئات محددة" وأن اللاجئين هم "الأقل تأثرا بالمصالحة."

لكن على النطاق الأوسع، فإنه في حالة تطبيق الاتفاق، سيكون هناك آثار إيجابية، بحسب أبو بكر الذي يشير إلى أنه "عندما يكون الصوت الفلسطيني واحدا في التعاطي مع مسألة مثل وضع اللاجئين في لبنان، فمن المؤكد أن ذلك سيكون أفضل من أن يتحدث كل فصيل بصوت منفرد".

ويعيش اللاجئون الفلسطينيون المسجلون لدى الأونروا، أو ما يزيد عن 1,4 مليون لاجئ، في 58 مخيما معترف به للاجئين في كل من لبنان وسوريا والأردن وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وهناك مئات الآلاف المغتربين ولا يعيشون في مخيمات ويتوزعون على دول عربية وأجنبية.