حرص وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، قبل ساعات على انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات مع الائتلاف السوري المعارض في جنيف، على رهن إقرار النتائج النهائية للمباحثات بموافقة الشعب السوري.

وتنذر مسألة "الاستفتاء الشعبي" الذي طرحها وزير الإعلام، بإضافة بند جديد إلى ملف العقبات التي تحاول القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا تذليلها في مساعيها الرامية لإنهاء الحرب المستمرة بسوريا منذ 3 أعوام.

وعلى غرار إصرار الحكومة ربط مصير الرئيس السوري، بشار الأسد، بالشعب السوري، رمى الزعبي ورقة "الاستفتاء الشعبي" لتواجه السلطة الحالية بذلك أي قرار يخرج عن مؤتمر "جنيف 2"، ينقل البلاد إلى نظام حكم جديد.

صناديق الاقتراع

وبما أن مسألة اللجوء إلى صناديق الاقتراع التي تعد إحدى أبرز أدوات اشراك الشعب في العملية السياسية في الأنظمة الديمقراطية، تتطلب شروطا عدة أبرزها الحرية والأمن، ستواجه ورقة الاستفتاء معارضة دولية ومحلية.

فالمعارضة السورية تعتبر أن الحرب والعنف بالإضافة إلى سياسية "الترهيب" التي ينتهجها "النظام" من خلال القبضة الأمنية على المناطق التي لاتزال تخضع لسيطرته، لا تتيح لمعظم الشعب السوري بممارسة "حقه الديمقراطي" بحرية.

إلا أن الحكومة ومن ورائها حزب البعث الذي يحكم البلاد منذ أكثر من 5 عقود، تعتبر أن الشرعية السياسية مرتبطة حصرا بصناديق الاقتراع، لاسيما مع اتهامها لوفد الائتلاف بأنه لا يمثل كافة أطياف المعارضة السورية.

وما يضفي على اتهامات الحكومة نوعا من المصداقية، فشل المساعي الأخيرة لرئيس الائتلاف، أحمد الجربا، في ضم وجوه جديدة إلى الوفد المشارك في جنيف، خاصة ممثلين عن "تيار بناء الدولة" وهيئة التنسيق الوطنية.

هدف الاستفتاء

وعن الهدف من وراء طرح فكرة الاستفتاء، يؤكد المحلل السياسي اللبناني، أمين قمورية، أنها تأتي في إطار مساعي الحكومة "نسف" بيان "جنيف 1" الذي اعتمدته الأمم المتحدة أساسا للمفاوضات بين طرفي النزاع.

ويضيف في اتصال هاتفي مع "سكاي نيو عربية" أن الحكومة سبق وأعلنت رفضها لما نصه عليه هذا البيان بشأن تشكيل حكومة من ممثلين عن السلطة والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية في سوريا.

وفي محاولة للالتفاف على هذا الرفض الذي يواجه بانتقادات غربية، وجدت الحكومة في فكرة "الاستفتاء الشعبي" على نتائج المفاوضات فرصة للتنصل من نقل السلطة عن "طريق الشعب"، وبالتالي اقصاء بشار الأسد عن سدة الحكم، وفقا لقمورية.

ويوضح المحلل السياسي أن السلطة السورية تدرك جيدا أنها لاتزال تملك كافة الوسائل "غير المشروعة" التي تمكنها من الفوز بأي استحقاق انتخابي، الأمر الذي دفعها إلى اللجوء إلى "فخ الاستفتاء" في إطار سياسة المراوغة التي تعتمدها منذ اندلاع الأزمة.

وإزاء هذه الإشكالية الجديدة، تجد الدول المعنية في النزاع السوري نفسها أمام مأزق جديد يهدد بنسف أي نتائج تخرج عنها المفاوضات إن تمكن بالفعل طرفا النزاع برعاية الوسيط الأخضر الإبراهيمي من التوصل إلى حل يوقف نزيف الدم في سوريا.