يبذل وسطاء الاتحاد الإفريقي جهودا مضنية لتقريب وجهات النظر المتباينة بين الخرطوم وجوبا للتوصل إلى اتفاق يسوي خلافاتهما الحدودية والاقتصادية وفقا للمهلة التي حددتها الأمم المتحدة لتفادي الوقوع تحت طائلة العقوبات.

ويعقد الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت اجتماعهما الثاني الاثنين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وسط تعتيم إعلامي.

ولم يفض اجتماعهما الأول الأحد إلى التوصل لاتفاق بخصوص استئناف تصدير البترول أو تجاوز الخلافات الحدودية التي كادت تؤدي إلى حرب شاملة بين البلدين في أبريل الماضي.

وأفاد مراسل "سكاي نيوز عربية" بأن رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريام ديسالين اجتمع صباح الاثنين بالرئيسين البشير وسلفاكير في القصر الرئاسي، وقدم مقترحات للطرفين لم يعلن عنها بعد.

وحرص الجانبان على إظهار نوع من التفاؤل، على الرغم من عمق الخلافات وصعوبة الملفات التي لا تزال عالقة، مؤكدين على أن هناك تقاربا عاما في وجهات النظر.

وأقر عاطف كير المتحدث باسم وفد جنوب السودان إلى المحادثات أنه "لا تزال هناك اختلافات، لكن فرق المفاوضين تعمل على تقريب الفوارق بين الرئيسين".

وكان بدرالدين عبد الله، المتحدث باسم وفد السودان قد صرح بدوره بأن "هناك بعض الاختلافات لكن كل المشاكل مطروحة على الطاولة".

وتأتي هذه القمة بعد انتهاء مهلة إضافية منحها مجلس الأمن للدولتين لحسم القضايا العالقة بينهما، بعد أن كان محددا يوم 22 سبتمبر لإخضاعهما للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ويمنح قرار مجلس الأمن، الصادر تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، الحق بتوقيع عقوبات على الجانبين، أو على الجانب الأكثر تقصيراً، والمتسبب في فشل العملية التفاوضية التي ما أن تصل إلى حلول، حتى يفجر المفاوضون مفاجأة جديدة، إما بتأجيل توقيع اتفاق، أو بإرجاء مناقشة إحدى القضايا العالقة.

وقد أعلن السفير السوداني لدى إثيوبيا عبد الرحمن سر الختم أن ميارديت والبشير ربما يوقعان على اتفاقيات تنظم تدفق النفط والتجارة بين البلدين و"جزءا من القضايا الأمنية" بعد موافقة السودان على خارطة الوساطة الإفريقية.

وقال السفير إن الموافقة السودانية "جاءت وفق ترتيبات إدارية وقانونية خاصة، مثل انسحاب الجيش الشعبي من منطقة الميل 14 وتشكيل إدارة محددة لها لحين ترسيم الحدود بين الدولتين".

ورفض رئيس وفد التفاوض بشأن المنطقتين كمال عبيد مبدأ دخول الوفد السوداني في مفاوضات مباشرة مع متمردي الحركة الشعبية -قطاع الشمال- وقال عبيد إن ذلك لن يتم "إلا بعد تلقي الحكومة السودانية مكتوبا رسميا من جوبا يؤكد فك ارتباط جيشها مع قوات الحركة الشعبية، قطاع الشمال".

من جهته دعا الاتحاد الإفريقي إلى التوصل أثناء القمة إلى اتفاق نهائي بشأن جميع المناطق المتنازع عليها.

وأكد الاتحاد في بيانه أنه "يتعين اتخاذ قرارات صعبة من كلا الجانبين، للانتهاء من المفاوضات بشأن علاقاتهما في فترة ما بعد الانفصال".

وكانت الدولتان قد اتفقتا في أغسطس الماضي على نقطتين أساسيتين؛ هما تقاسم الثروة النفطية والملف الاقتصادي.

فعلى الرغم من أن جنوب السودان يسيطر على ثلاثة أرباع كمية النفط، ويعتمد اقتصاده عليه بنسبة 98 في المائة، فإن الاتفاق يقضي بعدم إمكانية تصدير النفط إلا عبر خط أنابيب يخترق السودان.

وقضى الاتفاق بأن تدفع دولة الجنوب للشمال مبلغ خمسة وعشرين دولاراً مصاريف عبور ومعالجة للبرميل الواحد.

ونظم الاتفاق على الملف الاقتصادي العمليات التجارية التي تمر عبر مناطق حدودية معينة، تمثل نحو عشرين في المائة من الحدود بين البلدين.

لكن تبقى أمام المفاوضين الموضوعات الأكثر تعقيدا مثل ترسيم الحدود، فقد تم الاتفاق على إنشاء منطقة عازلة وفق ترتيبات خاصة على أن تعتبر منطقة ميل 14 المتنازع عليها ضمن أراضي السودان.

و تعتبر منطقة أبيي من أهم المشاكل العالقة بين الشمال والجنوب. وسيحدد تبعيتها استفتاء يجرى نهاية العام المقبل تقرر فيه قبائل الدينكا نقوك والمسيرية المقيمة فيها الانضمام للجنوب أو الشمال.

أما الموضوع الأكثر تعقيداً فهو الملف الأمني الذي يشمل نقاطاً عدة، أبرزها وقف الاقتتال ودعم الميليشيات المسلحة، والاتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود بين البلدين.