على مدخل خيمة عزاء متواضعة في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين بغزة، علقت صورة من الحجم الكبير لشاب يبلغ من العمر 18 عاما أجبرته الظروف المعيشية الصعبة على القيام بفعل نادر الحدوث في الأراضي الفلسطينية.

أقدم إيهاب أبو الندى على حرق نفسه أمام مشفى "الشفاء" بمدينة غزة، بعدما فشل في العثور على عمل يساعد به أسرته الفقيرة، ولم يستطع المسعفون إنقاذ حياته فتوفي متأثرا بجراحه الخطيرة.

وسار أبو الندى على خطى الشاب التونسي العاطل محمد البوعزيزي، الذي أضرم النار في نفسه أواخر عام 2010 ليشعل شرارة الاحتجاجات في تونس ومن بعدها في دول عربية عدة.

وفي خيمة العزاء لم يتمالك والده نفسه، وأجهش بالبكاء وهو يتحسس صورة ابنه، وقال لـ"سكاي نيوز عربية": "راح على (ذهب إلى) المشفى سكب على حاله (نفسه) بنزين. لتران بنزين سكبهم على رأسه. حرق حاله عشان (من أجل أن) يعبر عن رفضه إنه مش ملاقي (لا يجد) عمل في غزة".

اصطحبنا والد إيهاب لنكون شهودا على مأساة السكن وتفاصيل الحياة التي كانت لوقت قريب تسترها هذه الجدارن المتهالكة، لبيت مستأجر في مخيم الشاطئ للاجئين بغزة، وعلى استحياء عرض لنا أبوه قطعا من ملابسه التي تخبر عن الحال.

كان المنزل مكتظا بنساء من الجيران والأقارب جئن يواسين والدة إيهاب، وقد جلست بينهن وهي تحتضن صورة ابنها.

قالت لنا والدته إنه اتصل بها قبل لحظات من إقدامه على حرق نفسه، وأضافت: " قال لي يما (يا أمي) سامحيني، سامحيني يما. خلص (خلاص) أنا زهقت (مليت) من الحياة".

وترجته الأم - حسبما حكت - لكي يتراجع عن فكرته، لكنه تمسك بإحراق نفسه.

وكان إيهاب وأخوه الأكبر قررا التوقف عن الدراسة بحثا عن عمل يعيل أسرتهما المكونة من 8 أفراد، لكنهما فشلا في ذلك.

وتعتبر حادثة إحراق إيهاب أبو الندى لنفسه الأولى في فلسطين، ورغم ندرتها فإنها تكشف عن حالة إحباط تسود قطاعات كبيرة من الشباب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأشار تقرير دولي صارد عن الأمم المتحدة قبل أيام أن القطاع قد يصبح مكانا "غير صالح للعيش" بحلول عام 2020 بسبب البطالة.