‫بلغت الهجمات التي يقوم بها مسلحون مجهولون في سيناء ذروتها بمقتل 25 من قوات الأمن المركزي المصرية، إذ تصاعدت وتيرة تلك الهجمات بشكل ينذر بخطر جسيم في هذه المنطقة التي تنتشر فيها الجماعات المسلحة وتثير التساؤلات على قدرة القوات المصرية على حماية نفسها وحماية البلاد من هذه الجماعات.

ووقع الهجوم بقذائف "آر بي جي" على حافلتين كانتا تقلان الجنود، قرب منطقة الماسورة بمدينة رفح، في حين قال مصدر أمني إن المسلحين استخدموا أسلحة آلية أيضا في الهجوم على المجندين.

والهجوم هو الأكبر، والأكثر دموية، الذي يتعرض له الأمن المصري في سيناء منذ سنوات.

وكان 16 جنديا مصريا قتلوا في هجوم مشابه في رفح، في شهر أغسطس من العام الماضي أثناء تناولهم وجبة الإفطار في شهر رمضان.

وتعهدت وقتها حكومة الرئيس السابق محمد مرسي بالقبض على المسؤولين عن الحادث إلا أن ذلك لم يتم حتى الأن.

وحملت القوى الثورية مسئولية مقتل الجنود للقيادي الإخواني محمد البلتاجي الذي كان قد هدد في شهر يوليو بأعمال عنف في سيناء حتى عودة مرسـي.

كما حملوا جزءًا من المسؤولية للقوات المسلحة والداخلية لعدم قدرتهما على حماية الجنود، على حد تعبيرهم.

وحملت إنجي حمدي، العضو المؤسس بحركة شباب 6 أبريل، مسئولية الحادث للبلتاجي، الذي كان قد أعلن في مقطع فيديو انتشر على شبكة الإنترنت صراحة عودة الرئيس السابق للحكم مقابل وقف أعمال الإرهاب بسيناء.

وانتقدت حمدي "عدم تأمين الجنود في سيناء وحمايتهم خاصة في ظل التهديدات المستمرة وأعمال العنف التي لم تتوقف يوما في شبه الجزيرة المصرية".

وكان مسلحون، يعتقد أنهم "متشددون"، قد كثفوا هجماتهم على قوات الشرطة والجيش المصريين في شمال سيناء، مستغلين الفراغ الأمني عقب إطاحة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.

لكن وتيرة العنف المسلح تصاعدت بعد عزل مرسي في 3 يوليو الماضي، وأخذت منحى عنيفا منذ فض اعتصامات الإخوان المسلمين في منطقتي رابعة العدوية وميدان النهضة بالقاهرة، التي أثارت موجة من العنف راح ضحيتها نحو 800 قتيلا معظمهم من أنصار الإخوان.

وخلال الشهر ونصف الماضيين، قتل عشرات العسكريين في هجمات بسيناء.

وفي أعقاب الثورة المصرية ظهرت في سيناء قوى "متشددة" تتبنى أفكار الجهاد والتكفير والهجرة، بخلاف الدعوة السلفية ذات الحضور الملحوظ، وجماعة الإخوان المسلمين صاحبة الحضور المتواضع على الحدود الشرقية، وقد عبرت تلك القوى عن نفسها بأكثر من طريقة كان أبرزها تفجير أنابيب الغاز الموصلة إلى إسرائيل بموجب اتفاقية كانت محل تحفظ قيادات سلفية وقيادات وطنية كثيرة.

وتتداول مصادر إعلامية مصرية أسماء أهم الجماعات الناشطة في سيناء مثل شورى المجاهدين، وأنصار الجهاد، والتوحيد والجهاد.

وتركزت ضربات المسلحين المتشددين في مناطق الشيخ زويد والعريش ورفح في محافظة شمال سيناء.

وقد دفع ذلك القوات المصرية إلى ملاحقتهم في مناطق عدة من شبه جزيرة سيناء، أبرزها منطقة جبل الحلال جنوب العريش.

ويغلق الجيش جسر السلام المعلق فوق قناة السويس من المدخلين الشرقي والغربي بالقنطرة بالتزامن مع العمليات العسكرية ضد المتشددين في سيناء، خوفا من تسلل هذه العناصر تحت وطأة العمليات إلى العمق المصري وتهديد المجري الملاحي لقناة السويس.

كما تنشر القوات المسلحة المصرية معداتها وآلياتها مدعومة بجنود إضافيين، في مناطق جنوبي الشيخ زويد ومنطقة بغداد بالقطاع الأوسط من سيناء، إلى جانب قيام البحرية المصرية بدوريات أمام شواطئ العريش.

وقد اتفقت مصر مع إسرائيل على نشر تلك التعزيزات في سيناء، التي تحدد الوجود العسكري المصري فيها معاهدة كامب ديفيد للسلام بين البلدين.

لكن خبراء يرون أن الجيش المصري ليس مستعدا على النحو الأمثل من حيث العدة والتدريب، لدخول حرب عصابات لم يدرب على خوضها.

كما أن عدد المسلحين في شمال سيناء غير محدد، لكن مصادر في الجيش المصري قدرتهم بنحو ألف مسلح ضمن جماعات تختلف أيديولوجيا.

أما فيما يتعلق بحجم السلاح، فقد تضاعف في سيناء منذ ثورة 25 يناير بنسبة 50 في المائة. وحسب تقارير أمنية فإن أهم منابع تجارة السلاح هي ليبيا.