في السابع من مارس الماضي، سأل صحفي رئيس الوزراء فلاديمير بوتين عما إذا كان سيغير نهج بلاده تجاه سوريا إذا وصل للرئاسة مجددا، فأجاب بكلمة واحدة: "لا".

ومع ذلك ينظر كثير من الأطراف السياسية إلى الكريملين في حلته الجديدة بعد عودة بوتين إليه رئيسا بكثير من الترقب خاصة المعارضة السورية التي باتت تدرك أكثر من أي وقت مضى أن مفتاح قلعة دمشق بيد القيصر في موسكو.

 الدبلوماسي الروسي السابق فايتشيسلاف ماتوزوف قال لـ"سكاي نيوز عربية" خلال اتصال هاتفي من موسكو إن السياسة الخارجية للرئيس بوتين لن تتغير لأنه "ببساطة هو من كان يصنعها وهو رئيسا للوزارء كما أنه سيبقي على وزير الخارجية المخضرم سيرغي لافروف بما لا يوحي بأي شيء جديد".

وأوضح أن روسيا التي لجأت لحق النقض (الفيتو) مع الصين قبل شهرين في مجلس الأمن لحماية الحليف السوري، يستحيل أن تتراجع وتقدم تنازلات تدرك أنها ستؤذي مصالحها في الشرق الأوسط.

""نظام الأسد سيبقي قويا ليس بسبب الدعم الروسي وإنما لفشل الولايات المتحدة وحلفاءها في إسقاطه" - ماتوزوف"

ماتوزوف

وقال: "روسيا لا تحب تغيير الأنظمة عبر الثورات والتدخلات العسكرية. نحن نرى الرئيس السوري بشار الأسد يطلق انتخابات برلمانية شفافة ويسير في خط إصلاحي".

وتجري الانتخابات في سوريا في ظل مقاطعة المعارضة وتواصل العنف في أنحاء البلاد.

ويرى ماتوزوف أن من مصلحة الأمن القومي الروسي "دعم استقرار الأنظمة في الشرق الأوسط وليس زعزعتها".

وبينما ينفي الدبلوماسي السابق أن تكون روسيا في موقع المحامي عن النظام السوري، أكد أن "نظام الأسد سيبقي قويا ليس بسبب الدعم الروسي وإنما لفشل الولايات المتحدة وحلفائها في إسقاطه".

وتعارض موسكو بشدة أي إجراء أممي بالتدخل العسكري في سوريا أو استهداف النظام  السوري بعقوبات قد تؤدي لانهياره.

لكن موسكو وبكين قبلتا في أبريل تمرير قرار من مجلس الأمن يدعو لوقف العنف في سوريا ونشر مراقبين تابعين للمنظمة الدولية لمراقبة وقف إطلاق النار، وهو ما نظرت إليه أوساط غربية في حينها على أنه استعداد روسي للتحرك إيجابيا في الأزمة.

ولم تتوقف عجلة الدماء عن الدوران رغم وجود المراقبين الأمميين، حيث يسقط العشرات يوميا في اشتباكات بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة، بينما يشكل المدنيين غالبية الضحايا.

"الروس ليسوا متمسكين بالأسد، لكنهم مصرين على أن يكون البديل غير معادٍ لروسيا وغير موالٍ للغرب -محمود الحمزة عضو المجلس الوطني السوري"

محمود الحمزة

وبالرغم من يقين المعارضة السورية من صلابة الموقف الروسي، فإنها ترى أمكانية تغيير هذا الموقف بإقناع الكريملين بأن الديمقراطية في سوريا لن تكون ضد موسكو.

وقال محمود الحمزة عضو المجلس الوطني في اتصال مع "سكاي نيوز عربية" من موسكو إن "مسؤولين قالوا لنا إن بوتين لن يستمر على السياسة القديمة التي تصطدم بطموحات شعوب المنطقة".

ويرى الحمزة أن الروس ليسوا متمسكين بالأسد، لكنهم مصرين على أن يكون البديل غير معادٍ لروسيا وغير موالٍ للغرب لضمان مصالحهم الجيوسياسية في الشرق الأوسط".

لكن يبدو أن لدى المعارضة مشكلة عليها أن تحلها أولا، فبحسب الحمزة "لم تسع المعارضة لإقامة علاقة جيدة بشكل كافٍ مع موسكو، بل وهاجمتها في كثير من الأحيان، وهو ما أفقد تحركاتها كثير من التأثير حسب رأيه".

وقال الحمزة إن هناك "مساعي جدية من جانب المجلس الوطني لإعطاء ضمانات لموسكو أن العلاقات الروسية السورية ستكون أكثر متانة إذا سقط النظام الحالي".

وإذا كان ذلك هو مدخل المعارضة لإقناع روسيا باتخاذ موقف مغاير، فإن الغرب يرى مدخلا آخر.

فبحسب الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني ديفيد بولوك، فإن موسكو لن ترفع يدها عن الأسد إلا إذا اقتنعت بأنه ينهار فعليا.

وقال بولوك، في اتصال مع "سكاي نيوز عربية" من واشنطن، إن" الروس لن يغيروا سياستهم إلا إذا اقتنعوا بأن الأسد أشرف على الانهيار".

وذلك يعني، حسب بولوك، أنه "على الولايات المتحدة أن تزيد الضغوط الشديدة على الأسد، وتلك الضغوط لا يجب أن تكون اقتصادية أو سياسية فقط"، في إشارة إلى دعم عسكري ما للمعارضة. وأضاف أن "بهذه الطريقة وحدها قد تتخلى موسكو عن الأسد".

"الروس لن يغيروا سياستهم إلا إذا اقتنعوا بأن الأسد أشرف على الإنهيار - ديفيد بولوك.. الخبير بمعهد واشنطن"

ديفيد بولوك

ويستدرك بولوك بأن ذلك لا ينفي أيضا تقديم واشنطن مع المعارضة السورية ضمانات أكيدة لموسكو بعدم تضرر مصالحها في حال سقوط الأسد، لكنه شدد على أن بوتين لن يكون مهتما بذلك إذا بدا له أن الأسد يكسب الصراع.

ويرى بولوك أن الأسد على "استعداد لتجاهل أي نقد من الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي بسبب ثقته في حليفه الروسي، وهو ما يؤكد الحاجة لأن تعمل واشنطن على إظهار عزمها وقدرتها على الخروج من الإطار الذي تضعه الأمم المتحدة، من أجل دعم المعارضة السورية".