عشر سنوات مرت على احتلال العراق من قبل أميركا وحلفائها

الثامن من نيسان أبريل من العام ألفين وثلاثة، يوم آخر وتعلن أميركا إسقاط نظام صدام حسين.

سماء بغداد تلبدت آنذاك بغيوم الحرب، أهلها ما عادوا يستنشقون سوى رائحة الموت المغلف برائحة البارود، لم يخفت بعد صوت المدافع، سواء تلك التي تدك مواقع القوات العراقية، أو ما يصدر من رد عراقي كأنه بات يشكل الرمق الأخير لديها.

في الثامن من أبريل تجرأت دبابة أميركية على الاقتراب من مركز العاصمة، كانت تسير على الأسفلت العراقي للمرة الأولى، دخولها لم يكن أكثر من طلقة اختبار للرد العراقي، بضعة نيران مصدرها قاذفة آر بي جي أطلقها مسلح سوري تطوع للقتال في العراق تلبية لدعوة أطلقها صدام حسين في وقت سابق.

كنت حينها في نفق ساحة التحرير أروم التوجه إلى منزلي لم تصادفني أية قطع عسكرية عراقية فقط مسلحون عرب ومن جنسيات مختلفة، تحدثت إلى أحدهم ( أين ذهب الآخرون ) فرد علي بلهجة شامية ( لقد فر الجنود العراقيون من مواقعهم، وتركونا نقاتل الدبابات الأميركية منفردين ) كانت ساحة التحرير محاطة بالإطارات المحترقة، تصور النظام آنذاك أنه بتلبيد سماء بغداد بالغيوم فإن الطائرات الأميركية لن تتمكن من تحديد أهدافها.

بضعة أشخاص فقط وأنا أحدهم من غادر عقله ليسير في شوارع بغداد في ذلك اليوم.. كانت المروحيات الأميركية تحوم في أفق العاصمة.. أسعفني الحظ بسيارة أقلتني مسافة باتجاه منزلي قرب معسكر الرشيد جنوبي بغداد سيارات محترقة.. تملكني فضول لأرى ما بداخلها.. ثلاث جثث متفحمة يبدو انها كانت عرضة لنيران مروحيات أميركية.

أطلق الأميركيون نيرانهم تجاه كل ما كان يتحرك.. قابلني بضعة أشخاص بزي عربي.. هؤلاء أخذوا على عاتقهم مهمة دفن الموتى إكراما لهم. قال لي أحدهم إنه ورفاقه قاموا بدفن ما يقرب من عشرين شخصا في مقابر مؤقتة.