ما زال النقاش محتدما في المغرب حول مسألة التبرع وزرع الأعضاء، بين مؤيد ومعارض، ذلك أن وتيرة عمليات زرع الأعضاء بطيئة، رغم وجود أرضية قانونية ومؤهلات تقنية ولوجستية وبشرية مهمة.

وفي هذا الجانب، شهدت شبكات التواصل الاجتماعي حملات توعية بأهمية التبرع بالأعضاء وزرعها، وذلك بمبادرة من جمعيات حقوقية ومدنية.

وفي هذا الصدد، أعلن خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن الحكومة تعمل على إخراج قانون جديد خاص بالتبرع وزرع الأعضاء يمكن من توسيع شروط الاستفادة من عمليات الأخذ والزرع لعلاج الحالات المرضية التي تتطلب زرع الأعضاء أو الأنسجة.

وكشف أيت الطالب، في جواب عن سؤال كتابي من برلمانيين حول "حصيلة زرع القرنية بالمراكز الاستشفائية الجامعية بالمغرب"، أن استراتيجية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في مجال زرع القرنية، اعتمدت إحداث بنوك الأنسجة تمكن من توفير قرنيات قابلة للزرع ومستوفاة لشروط السلامة الصحية عبر اتفاقيات مع بنوك أنسجة دولية.

عندما تطوّع الجراحات نفسها لحياة الآخرين.

 نقاش مبكر

ولمزيد من التوضيحات، قال عبد العالي الصافي، الخبير في القانون والفقه في حديث مع "موقع سكاي نيوز عربية"، إن موضوع التبرع بالأعضاء عرف نقاشا مبكرا بالمغرب و تطور عبر حقب زمنية، ففي سنة 1975 طلبت وزارة الصحة فتوى في الموضوع، وما بين أخذ و رد استقر الرأي سنة 1985 على الإجازة، لكن بشروط أهمها أن تنزع من ميت لإنقاذ حياة إنسان حي، شريطة أن يكون قد إذن بذلك في حياته.

وأضاف الصافي، أن الأمر بقي على ماهو عليه حتى صدور القانون رقم 98.16 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخدها وزرعها، حيث أكد هذا القانون ما استقر عليه المجمع الفقهي الإسلامي سنة 1985 حيث نصت المادة الرابعة منه على أنه " لا يجوز التبرع إلا بموافته الصريحة و الواضحة " كما يعطيه إمكانية إلغاء هذه الموافقة متى أراد و ذلك من خلال المادة 13 من القانون السالف الذكر.

وينص القانون على أنه "يمكن لكل راشد يتمتع بأهليته أن يعبر و هو قيد الحياة ووفق الأشكال والشروط المنصوص عليها في هذا الفصل الثاني عن إرادته ترخيص أو منع وأخذ أعضائه أوأعضاء معينه بعد مماته".

وتابع الخبير القانوني، بعد أن جاءت المادة 15 لتوضيح الموضوع وكيفية التبرع لكن طريقة صياغة هذه المادة تضع أمام تناقض، حيث جاء فيها ما يلي : "الأخذ بواسطة تصريح يتلقاه رئيس المحكمة المختصة التابع لها محل إقامته أو القاضي المعين لهذا الغرض".

وفي الوقت الذي أكد الصافي، أن الحكومة المغربية الآن ستصدر تعديلات للقانون الحالي، وسط حاجة إلى التوعية، خصوصا إشراك العلم والعلماء والأطباء في هذا الحوار المتمدن.

موضوع واسع

وواصل المتخصص في الفقه في حديثه مع "موقع "سكاي نيوز عربية"، أن موضوع التبرع وزراعة الأعضاء يتقاسمه خصوصا في البلدان الإسلامية ما هو علمي وماهو شرعي ثم ما هو قانوني.

وعلى المستوى العلمي، يؤكد الصافي، أن هذه التقنية العلمية تبقى الحل الوحيد و االأوحد لإنقاذ حياة الملايين، منهم النساء والرجال و الشيوخ و الأطفال، كما تمكن من الاستفادة من عضو ما، قد يكون العين باعتبار زراعة القرنية هي الأكثر انتشارا، و قد يكون الكلى فيعفي المستفيد منها من متاعب تصفية الدم بواسطة الآلة وغيرها.

أما من الناحية الشرعية، فيقول الخبير نفسه، "هناك اختلاف بين تيارين أحدهما يحرم، والآخر يحل"، وذلك استنادا إلى تفسيرات للآيات القرآنية.

أخبار ذات صلة

ما أسباب عدم إقبال المغاربة على فكرة التبرع بالأعضاء؟

يشار إلى أن النشاط المتعلق بزرع القرنية بالمراكز الاستشفائية الجامعية بالمغرب، خلال السنتين الأخيرتين 2020ـ2021، سجل نحو 432 عملية زرع، مبرزا أنه تم القيام بـ32 عملية زرع بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، و4 عمليات بالمركز الاستشفائي الجامعية الحسن الثاني بفاس، في حين تم إنجاز 364 عملية بالمستشفى الجامعي الدولي الشيخ زايد بالرباط، و23 عملية بمستشفى الشيخ خليفة بالدار البيضاء، وفق إحصائيات وزارة الصحة.

وحسب الاحصائيات نفسها فإن عدد المتبرعين المحتملين المسجلين لدى المحاكم الابتدائية لا يتجاوز حوالي 1500 متبرع، جلها تم الحصول عليها على الفور بالمستشفيات عقب تسجيل حالات الوفاة في عين المكان من قبل الفرق الطبية، بعد التنسيق مع أسر المتوفين.