عيد بأية حال عدت يا عيد... تختصر جملة المتنبي هذه وضع الأسواق والمتاجر والمواطن اللبناني عشية عيد الفطر، في ظل الأزمة الاقتصادية والصحية التي يعيشها لبنان، حيث اعتاد المواطنون على انتعاش الحركة الاقتصادية خلال هذا الموعد السنوي، لا سيما في الأسواق التجارية.

فبعد الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ نحو عام، وهو الأسوأ منذ عقود إذ لم تستثن تداعياته أية فئة اجتماعية، وخسر عشرات الآلاف مصادر رزقهم أو جزءا من مداخيلهم وسط موجة غلاء غير مسبوقة، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

والأحد، لامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء 13 آلف ليرة، فيما السعر الرسمي لا يزال مثبتا على 1507 ليرات. ومن كان راتبه يعادل 700 دولار في الصيف الماضي، بات اليوم بالكاد يعادل 50 دولارا.

بيروت

خلال جولة لموقع "سكاي نيوز عربية" في عدة أسواق لبنانية، بدءا من العاصمة بيروت، بدت الصعوبات تطال الجميع، بما فيهم التجار، لتعلو الشكاوى الناجمة من تفلت أسعار الصرف وتدهور القيمة الشرائية لدى المواطن، مما يفرض شللا في حركة الشراء والبيع والحركة التجارية بشكل عام.

الصنوبر.. الذهب الأبيض الغائب عن موائد اللبنانيين

أخبار ذات صلة

لبنان.. حقول الخضروات في البقاع تروى بالصرف الصحي

وقال رئيس لجنة تجار سوق "مار الياس" في العاصمة اللبنانية، عدنان فاكهاني، لموقع "سكاي نوز عربية": "حاليا نحن في الهاوية، فالوضع مأساوي جدا على الجميع، إذ صارت معظم السلع وفي طليعتها الألبسة والأحذية، من الكماليات ولا تهم الناس".

وأضاف: "الوضع كارثي في أسواق بيروت، وعلى الدولة إنقاذ التجار والمواطنين. ندعو الله أن يقف إلى جانب لبنان الذي كان فيما مضى منارة تشع في الشرق الأوسط والعالم العربي".

وأبدى فاكهاني استغرابه "كيف لبلد أن يتعرض القطاع المصرفي بأكمله فيه للانهيار"، مضيفا أن الحل هو "تشكيل حكومة إنقاذ، تخرج البلد من المأزق الذي يمر به".

طرابلس.. لا مظاهر للعيد والفرحة

وفي شوارع طرابلس، ثاني أكبر مدن لبنان وعاصمة الشمال، لا يوجد ما يشير إلى احتفالات أو مظاهر عيد هذا العام، فلا زينة ولا أضواء متلألئة، فقط لافتة كبيرة ترحب بالزوار عند أحد مداخل المدينة تقول "أفلسنا".

فالأسعار المرتفعة تعني أن قلة فقط يستطيعون تحمل تكاليف طقوس العيد المعتادة. وكما في معظم مناطق لبنان فقد أغلقت العديد من محلات الجزارة في طرابلس أبوابها هذا الأسبوع، بعدما كانت تعج بالزبائن ذات يوم.

وتقول "أم طارق"، وهي أم لخمسة أطفال: "أي عيد؟ انظري حولك، هل يبدو لك هذا كسوق في وقت عيد؟ أين الناس؟"، مشيرة إلى أن زوجها يمتلك متجرا لبيع الحلوى، بالكاد يتمكن من توفير الطعام لأسرته.

أما بالنسبة لهنادي العلي، كل ما يمكنها فعله هو أن تأمل ألا تموت وأسرتها جوعا، بعد أن اضطر زوجها المريض إلى بيع عربة الخضار الخاصة به، وكان عليها الانتقال مع أطفالهما الثمانية إلى مخزن صغير في مبنى سكني.

أخبار ذات صلة

لبنان.. أزمات متتالية تضرب سوق الكتاب في مقتل
كارثة "القرعون" في لبنان.. ما السبب الحقيقي لنفوق الأسماك؟

وقال المحلل في الشؤون الاقتصادية، رائد الخطيب، لموقع "سكاي نيوز عربية"، وهو من سكان طرابلس: "المدينة هي الأكثر حرمانا في لبنان، ونحن أمام مشهد مأساوي جدا إذا ابتعدنا عن الأكل والسلع الضرورية".

ووصف الخطيب المشهد في طرابلس بالقول: "لولا بعض التحويلات الشهرية التي تصل لبنان عموما، وتقدر بـ350 مليون دولار، ولطرابلس منها حصة، لكان الوضع أكثر سوءا، فالبطالة متفشية والركود الاقتصادي مسيطر".

وأشار إلى أنه "خفف من حدة الأزمة ما تقوم به الجمعيات الخيرية وبعض المؤسسات الخاصة والمغتربين، حيث أن هناك تعاطف كبير من المغتربين تجاه أهاليهم وأبناء مدينتهم".

وتابع: "ليس لدى طرابلس أية قوة صناعية، حيث تشكل الصناعة فيها 2,5 بالمئة من الناتج المحلي، وتتعرض الصناعات الخفيفة فيها لمنافسة من البضائع الصينية، والفقر تجاوز عتبة الـ70 بالمئة، والقطاع الخاص الطرابلسي يفضل الاستثمار خارج المدينة".

أخبار ذات صلة

لبنان "مهدد" بمغادرة النظام المالي العالمي
بيروت في رمضان.. أوضاع صعبة وزينة خجولة

البقاع.. وضع سيء

في البقاع الأمر ليس أفضل حالاً، وكأن المؤسسات التجارية تعيش خارج الزمن، فلا حركة ولا مبيعات ولا أي نشاط، ولم يساهم عيد الفطر في تحريك السوق.

وقال صاحب أحد محلات الملابس في سوق برالياس التجاري القريب من مدينة شتورا، يوسف أبو نوح، لموقع "سكاي نيوز عربية: "الوضع سيء جدا.. الرواتب لم تعد تكفي بعد أن باتت بمعظمها تبلغ أقل من مئة دولار".

وتابع: "نحن هنا عند نقطة حدودية لذلك نشعر أن الزبون السوري أصبح مرتاحا أكثر من المواطن اللبناني، الذي تحول إلى البازارت الشعبية ومحلات الباليه الستوك الأوروبي (الملابس المستعملة)".

وأضاف: "الحركة معدومة ولا تمثل 5 بالمئة مما كانت عليه في الماضي، كما أن المنتجات السورية بدأت تظهر في السوق السوري المحاذي لسوق بر الياس، وأقفلت معظم المتاجر".

صيدا

من جانبه، علق المواطن عثمان صعب، على الوضع في صيدا، قائلا:" في صيدا الأجواء متفاوتة لدى طبقات المجتمع. تقتصر الحركة على بعض المقاهي، وتشهد المدينة ازدحاما في حركة السير عند مداخلها، مما يعني أن هناك عائلات ميسورة بإمكانها التسوق. ويمكن القول إن تفاوتا في نسبة الطبقات الاجتماعية بدأ يظهر في المدينة".