خلف مشهد لأحد عناصر القوات المساعدة وهو ينهال ضربا على أحد المواطنين، استياء كبيرا في المغرب. وانتشر مقطع الفيديو، أمس الأربعاء، كالنار في الهشيم مخلفا حالة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بأقصى العقوبات على المعتدي.

ويُظهر الفيديو الذي تم تصويره على مقربة من شاطئ مدينة الفنيدق شمالي المغرب، رجلا بزي رسمي في حالة هستيرية، يعتدي على أحد الأشخاص. ورغم طرحه أرضا، تابع عنصر الأمن اعتداءه دون توقف، وبجانبه عنصران آخران من القوات المساعدة، يراقبان الوضع دون أن يحركا ساكنا، بحسب ما ظهر بمقطع الفيديو القصير، الذي لا يتجاوز 27 ثانية.

وسارعت وزارة الداخلية إلى فتح تحقيق في محتوى الفيديو، إثر انتشاره على عدد من الصفحات المغربية، وتداوله على تطبيقات التراسل الفوري.

ولم يتطلب الأمر سوى ساعات قليلة حتى أعلنت في بلاغ لها بأن "إجراءات التحقيق الإداري الذي بوشر في شأن وقائع العنف الموثقة من خلال مقطع فيديو مبثوث، يوم الأربعاء، على عدد من المواقع الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي، والذي يظهر قيام شخص بزي وظيفي بتعنيف شخص آخر وتعريضه للضرب، مكنت من تحديد هوية الشخص الضالع في هذه الأفعال وزميلين له كانا متواجدين بمسرح الأحداث". 

 

 وأوضح البلاغ أن الأمر يتعلق بعناصر من بين أفراد القوات المساعدة المكلفين بمهمة حراسة السواحل.

وأشار المصدر ذاته إلى أنه تبعا لذلك، تم توقيف المعنيين بالأمر، الذين وضعوا رهن إشارة البحث القضائي المنجز من طرف السلطات المعنية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة

من جانبه، أعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتطوان، أن "عناصر القوات المساعدة الثلاثة، تم إخضاعهم لتدابير الحراسة النظرية، وفور انتهاء البحث سيتم ترتيب الآثار القانونية على ضوء نتائجه".

والقوات المساعدة هي جهاز أمني في المغرب، يخضع أفراده لنظام عسكري لكنهم تابعون لوزارة الداخلية، ويتولون مجموعة من مهام الحراسة في الإدارات العمومية وعلى الحدود وغيرها، كما يتم استدعاؤهم لمساعدة باقي أجهزة الأمن عند الحاجة، كالجيش والشرطة والدرك.

محاولة هجرة الأحد الماضي

رأي القانون

وعلق حاتم بكار، محامي بهيئة القنيطرة، على محتوى الفيديو قائلا: "لا شيء يبرر هذا العنف. وعناصر القوات المساعدة لا تتوفر على الصفة الضبطية، وليست لها صلاحية التثبت من هوية أولئك الأشخاص، فعملها يقتصر على حراسة الساحل والتبليغ عن أي شيء خارج عن المعتاد، وتترك الأمر للسلطات الأخرى لتقوم بمهامها".

وأضاف الأستاذ بكار في حديث لـ"سكاي نيوز عربية": كل النصوص القانونية لا تعطي إمكانية الاعتداء على مواطن بهذه الطريقة، فهذه حالة معزولة لموظف ارتكب خطأ شنيعا في حق مواطن. وهو خطأ فردي ومعزول وبعيد كل البعد عن ممارسات جهاز القوات المساعدة الذي يعمل على حماية مصالح المواطنين".

وتابع المحامي بهيئة القنيطرة: "قد تكون هناك عقوبة سالبة للحرية بالنسبة لهذا العنصر الأمني. وحسب القانون، يجب أيضا متابعة العنصرين الآخرين اللذين لم يحركا ساكنا؛ فالامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر يعتبر جريمة، وقد تنضاف إليها أيضا تهمة عدم التبليغ. مبدئيا، هذا ما يظهر من خلال الفيديو. ولكن الكلمة الأخيرة تبقى للسلطة القضائية، بعد اطلاعها على حيثيات الملف".

واسترسل قائلا: "الدستور المغربي يكفل الحق في الحياة ويحفظ كرامة المواطن، كما أن الدولة المغربية مسؤولة على السهر على حماية مواطنيها".

من جانبه، أكد منصف الخياري، محام بهيئة فاس، في حديث ل"سكاي نيوز عربية": "القانون الجنائي يجرم الشطط في استعمال السلطة، وإذا ثبت ذلك في ما أقدم عليه رجل السلطة العمومية، فإنه سيتابع بمقتضى المادتين 225 و 231 من القانون الجنائي".

أخبار ذات صلة

مطعم في مراكش تديره النساء فقط منذ 35 سنة
أوروبا والمغرب.. تنافس إسباني بريطاني على "مشروع النفق"

وتقول المادة 225 من القانون الجنائي: "كل قاض، أو موظف عمومي، أو أحد رجال أو موظفي السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عملا تحكميا، ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية".

أما المادة 231 فتقول: "كل قاض أو موظف عمومي، أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يستعمل أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها، العنف ضد الأشخاص أو يأمر باستعماله بدون مبرر شرعي، يعاقب على هذا العنف، على حسب خطورته، طبقا لأحكام الفصول 401 إلى 403 مع تشديد العقوبات".

ويقتضي الفصل 401: "إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من أنواع العنف أو الإيذاء قد نتج عنه عجز تتجاوز مدته عشرين يوما، فإن العقوبة تكون الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم".

وأضاف الأستاذ الخياري أن "طبيعة عمل القوة العمومية تؤدي أحيانا إلى الشطط. والأمثلة عديدة في كل دول العالم خاصة في مواجهة المظاهرات أو أعمال الشغب. وهنا يأخد القانون مجراه في معاقبة المتورطين في استخدام العنف غير المبرر والشطط في استعمال السلطة".

الفنيدق تحت الأضواء

ورجحت تقارير إعلامية أن يكون ضحيةُ الاعتداء شابا من بين مرشحين للهجرة بطريقة غير شرعية إلى جيب سبتة المحتلة، في انتظار بلاغ السلطات الرسمية بهذا الخصوص.

وتعرف مدينة الفنيدق في الآونة الاخيرة، تناسل محاولات الهجرة الجماعية سباحة إلى سبتة، حيث تعالت الأصوات المطالبة بإيجاد حلول اقتصادية بديلة لثني الشباب عن الدفع بأنفسهم إلى أمواج البحر.

وشهد شاطئ المدينة الواقعة شمالي المغرب، الأحد الماضي، توجه عدد من الأشخاص، من مختلف الأعمار، لخوض غمار الهجرة السرية من خلال الارتماء في عرض البحر للوصول إلى ثغر سبتة، بعد انسداد الأفق وتدهور وضعياتهم الاجتماعية والاقتصادية جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا وإغلاق معبر تاراخالالحدودي.

وفتحت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة تطوان، عقب ذلك، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، الثلاثاء الماضي، وذلك للكشف عن جميع المتورطين المحتملين في تنظيم عملية جماعية للهجرة غير المشروعة عبر المسالك البحرية انطلاقا من ساحل مدينة الفنيدق.

وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أنه تمت مباشرة إجراءات هذا البحث مع 23 مرشحا للهجرة غير المشروعة تم تسليمهم من طرف المصالح الأمنية الإسبانية، وذلك بعدما وصلوا عن طريق المنفذ البحري لمدينة سبتة.