تواصل المدفعية التركية، الأحد، قصف ريف بلدة تل تمر شمالي سوريا، مما أسفر عن إصابة 13 مدنيا، بينهم اثنان بجروح خطرة، فضلا عن تدمير 4 منازل و3 أبراج كهرباء، بالإضافة إلى تدمير مساحة كبيرة من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الزراعية.

ويأتي هذا التصعيد بالتزامن مع احتفالات الطائفة الآشورية المسيحية بالأعياد، حيث أقامت قداس "عيد القيامة" في كنيسة القديسة وسط بلدة تل تمر ذات الغالبية المسيحية، تحت مظلة الخوف من القصف.

وارتفع قرع أجراس الكنيسة على أصوات الرصاص والقنابل ونيران المعارك التي تحاصر البلدة الصغيرة الواقعة على نهر الخابور، على بعد 40 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة الحسكة.

واقتصرت أجواء الاحتفال على أداء التراتيل الدينية والترانيم الخاصة، وغابت عن شوارع تل تمر، التي تعد الموطن الأصلي للأقلية الآشورية في سوريا، مظاهر الزينة المضيئة واللوحات الراقصة والكرنفالات التي كانت تجوب أزقتها وتطرق الأبواب، مهنئة المحتفلين بالعيد.

وأثقلت المعارك التي تشنها الميليشيات الموالية لأنقرة على ريف البلدة منذ العملية الأخيرة المسماة "نبع السلام"، التي نفذتها الحكومة التركية ضد الأكراد في أكتوبر 2019، واحتلوا شريطا حدوديا بطول 120 كيلومترا على امتداد الحدود السورية التركية، إلى جانب مدينتي رأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة، وألحقوهما بالدولة التركية، بعد أن وصلت نيران قذائفهم إلى مشارف بلدة تل تمر.

يأتي التصعيد بالتزامن مع احتفالات الطائفة الآشورية بالأعياد

شبح الحرب

وفي صبيحة عيد القيامة، وسعت آلة الحرب التركية قصفها على الريف الشمالي لناحية تل تمر، واستهدفت قرية الفكة والدردارة، والقرى المنتشرة على الطريق الذي يربط تل تمر وزركان في الريف الشمالي لناحية تل تمر.

الشماس شليمون برشم، وهو رجل دين في كنيسة القديسة، تألم من غياب المهنئين بالعيد، حيث خلت مقاعد الكنيسة من زوار قرى الخابور ممن كانوا يحرصون على حضور القداس في كل عام.

لكن تلك القرى باتت فارغة ومهجورة من أهلها منذ 2015، حين هاجم تنظيم "داعش" الإرهابي قرى الخابور واختطف عشرات المسيحيين.

ولم يخف برشم في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، حزنه من هجرة غالبية سكان البلدة بسبب شبح الحرب الذي تلوح به أنقرة منذ أكثر من عام.

وقال: "المعارك التي تبعد 3 كيلومترات فقط عن البلدة أجبرت العائلات على الفرار وترك منازلهم وأملاكهم والبحث عن فرصة حياة وسلام، إما في نزوح داخلي باتجاه الحسكة والقامشلي ومدينة حلب، أو طلبا للجوء في الخارج".

وتابع: "كانت موجة الفرار الكبيرة للعائلات المسيحية قد بدأت منذ هجمات تنظيم داعش على قراهم، وتدميره أكثر من 10 كنائس واختطاف مئات المدنيين آنذاك، قبل الإفراج عنهم بمقابل مادي كبير".

وأضاف أن الميليشيات الموالية لتركيا استولت العام الماضي على أملاك المسيحيين في تل أبيض ورأس العين، ودمرت الكنائس ونهبتها.

أخبار ذات صلة

من هو مليح بولو.. مفجّر الاحتجاجات الطلابية بتركيا؟
استعباد سوريات جنسيا.. تركيا متورطة ومطالب بمحاسبتها

350 عائلة مسيحية

الأب بوغوص إيشايا بطريرك رعية الآشوريين في بلدة تل تمر، لم يكتم همومه أيضا بسبب رحيل مئات العائلات الآشورية التي بلغ تعدادها قبل الأزمة السورية ما يقرب 35 ألف نسمة.

وقال الأب إيشايا لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه "لم تبق سوى 350 أسرة فقط. يشتد قصف ميليشيات أردوغان الإرهابية على ريف تل تمر، فهي تقصف المباني السكنية والبنى التحتية ليفر من بقي من سكانها، كما في قرى أم حرملة وداد عبدال والنويحات".

وأشار إلى قلق الطائفة المسيحية من عمليات قتل وسبي قد ترتكبها الميليشيات الموالية لأنقرة بحق النساء والأطفال والرجال المسيحيين، كما فعلها "داعش" في قرى الخابور عام 2015.

وقال إيشايا: "عشرات التقارير أكدت انضمام عناصر داعش لميليشيات أردوغان الإرهابية الذين فتكوا بأكراد عفرين وارتكبوا مجازر بحقهم وبحق أهالي مدينتي رأس العين وتل أبيض، ولن يردعهم رادع في قتلنا نحن أيضا والتنكيل بنا".

جثة بـ10 آلاف دولار

ماري يعقوب، المتحدرة من مدينة القامشلي ومتزوجة في بلدة تل تمر، روت لموقع "سكاي نيوز عربية" انتهاكات ميليشيات أنقرة بحق المدنيين الفارين من ريف البلدة.

وقالت: "العام الماضي، قتلت الميليشيات الإرهابية مقاتلا وأسرت 3 آخرين من قوات المجلس العسكري السرياني المتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية، خلال المعارك التي شهدها ريف تل تمر، واحتجزوهم ولم يطلقوا سراحهم إلا بعد دفع فدية مالية عن كل مقاتل منهم بلغت 10 آلاف دولار، كما طلبت تلك الميليشيات المبلغ ذاته عن جثة المقاتل الرابع".

وتحدثت ماري عن عمليات خطف وابتزاز وقتل نفذتها الميليشيات ضد المدنيين الآشوريين، حيث "خطفوا العديد من العائلات وسرقوا كل ما بحوزتهم أثناء فرارهم من نيران القذائف التي هطلت على قراهم".

وأضافت: "خطفوا مدنيين بينهم نساء وأطفال وطلبوا فدى مالية كبيرة لقاء الإفراج عنهم، كما كانوا يقتلون الفارين ويسرقون نقودهم وذهبهم ويتركون جثثهم مرمية في الحقول، ليثيروا الرعب في قلوب من بقي من أبناء المنطقة، ولدفعهم للهجرة وترك بلدهم".