اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد ان بلاده "انتصرت في هذه المعركة واسقطت مشروع التآمر ضدها"، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الأسد فقد شرعيته وأن حل الأزمة السورية يكمن في تشكيل حكومة انتقالية، وفي الأثناء أعلنت المعارضة السورية عن مقتل 161 شخصاً في مناطق مختلفة من البلاد.

ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن الأسد قوله لوفد حزبي قومي عربي زاره مؤخرا، إنه "بات متأكدا من أن المؤامرة في سوريا قاربت على نهايتها".

وكان حزب الله اللبناني والمعارضة السورية تبادلا مجددا الاتهامات بقصف والسيطرة على قرى حدودية بين لبنان وسوريا، في وقت بدأت قوات عسكرية خاصة من الجيش العراقي بتنفيذ عملية عسكرية في غربي محافظة الأنبار بحثا عن مسلحين قتلوا جنودا وموظفين حكوميين سوريين في الأراضي العراقية.

وينذر التصعيد الأخير بامتداد الحرب في سوريا إلى العراق شرقا ولبنان غربا، حيث قالت مصادر في المعارضة السورية إن المعارك مستمرة في منطقة القصير السورية على الحدود اللبنانية، في حين اتهم حزب الله اللبناني الجيش السوري الحر بقصف قرى لبنانية في الهرمل.

وكان الجيش الحر اتهم الحزب باحتلال 8 قرى حدودية داخل الأراضي السورية بهدف فتح طريق الساحل أمام القوات الحكومية السورية.

وقال المسؤول عن الإعلام المركزي التابع للقيادة المشتركة للجيش الحر، فهد المصري، إن سكان "القرى من السنة والشيعة والعلويين والمسيحيين وليسوا من الشيعة فقط كما يقول حزب الله".

وأضاف المصري أن مقاتلي الحزب منتشرون كذلك في ريف دمشق، حيث قتل أحدهم في منطقة عقربا بعد أن التقط الجيش الحر موجات اللاسلكي التي يتعامل بها.

يشار إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، سبق وأورد نبأ مقتل 3 لبنانيين من الموالين لحزب الله في معارك مع مقاتلين معارضين في قرى شيعية حدودية في 16 فبراير الماضي.

ويأتي هذا التصعيد في أعقاب تهديد ضباط في الجيش الحر بقصف مواقع لحزب الله داخل الأراضي اللبنانية، وذلك ردا على اتهامات المعارضة السورية للحزب بإرسال مقاتلين للقتال مع الحكومة السورية.

وكان الحزب قام خلال الأشهر الماضية بتشييع عدد من مقاتليه قال إنهم قتلوا أثناء تأديته "واجبهم الجهادي" دون تحديد ملابسات مقتلهم، في حين في أكدت مصادر في المعارضة السورية أنهم قتلوا في سوريا.

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، تأكيده أن ما تشهده تلك "القرى الشيعية" يندرج في إطار الدفاع عن النفس، حسب ما ذكر في أخر خطاب متلفز له قبل أسبوعين.

وقال إن سكان تلك القرى و"هم لبنانيون غالبيتهم من الشيعة"، و"بعضهم ينتمي إلى حزب الله لم يسيطروا على أى قرية سنية أو يسكنها أهل سنة، بل حملوا السلاح "ليدافعوا عن أنفسهم وعن بيوتهم وعن ممتلكاتهم وحقوقهم، وهم موجودون في هذه الأرض منذ مئات السنين".

واتهم نصر الله مقاتلي المعارضة السورية بالهجوم على قرى حدودية مع لبنان، وقال :"الذي حصل ويحصل في الأيام القليلة الماضية أن هناك حملة عسكرية واسعة من قبل مئات المسلحين لتهجير أهل هذه القرى والسيطرة عليها وحسم وإنهاء وجودهم".

يشار إلى أن الأزمة السورية تلقي بظلالها على الساحة اللبنانية في ظل مخاوف من انتقال شرارة الحرب إلى البلاد التي تشهد انقساما بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له.

حملة عراقية لملاحقة مسلحين سوريين

أما على حدود سوريا الشرقية، فقد أفاد مصدر عسكري في قيادة المحافظة "سكاي نيوز عربية" أن "قوات خاصة تابعة للجيش العراقي مدعومة بغطاء جوي بدأت بتنفيذ العملية العسكرية.. بحثا عن منفذي الهجوم على رتل الجيش العراقي الذي كان ينقل الجنود السوريين".

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "القوات انتشرت في المنطقة المحصورة بين قضاء الرطبة وقضاء القائم"، مشيراً إلى أن "القوة التي كانت مع الرتل الذي جرى استهدافه يوم أمس تمكنت من قتل وإصابة عدد من المهاجمين".

وكان مصدر في شرطة الأنبار قال، الاثنين، إن 33 جنديا سوريا و7 جنود عراقيين قتلوا بكمين نفذه مسلحون قرب الحدود العراقية السورية في منطقة عكاشات غربي المحافظة.

وأكد أن الجنود السوريين هربوا إلى العراق قبل 3 أيام من منفذ اليعربية بعد سقوطه في أيدي الجيش السوري الحر، مشيرا إلى أن الهجوم وقع خلال نقلهم إلى معبر القائم الحدودي تمهيدا لإعادتهم إلى بلادهم.

وتشير هذه الحادثة إلى تصاعد التوتر على الحدود العراقية السورية في ظل مخاوف من أن تصيب تداعيات الحرب في سوريا العراق، لاسيما أن محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين ذات الأغلبية السنية تشهد منذ 3 أشهر احتجاجات مناهضة لرئيس الوزراء نوري المالكي.

وكان المالكي حذر من حرب طائفية في بلاده وفي لبنان وانقسام في الأردن إذا انتصر مقاتلو المعارضة في سوريا على نظام الرئيس بشار الأسد، وذلك في تصريح أدلى به لوكالة "أسوشيتد برس".

نشطاء: قصف جوي على الرقة

ميدانيا، قصفت مقاتلات حربية سورية، مساء الثلاثاء، مدينة الرقة غداة استيلاء مقاتلي المعارضة عليها وفقا لما ذكر ناشطون.

وقال رجل من سكان المدينة لرويترز إن وسط مدينة الرقة يتعرض لقصف جوي، مضيفا أنه أحصى نحو 60 صاروخا، وأن المستشفيات تطلب التبرع بالدم مع تزايد أعداد المصابين.

وكان معارضون سوريون أعلنوا، الاثنين، سيطرتهم على الرقة، عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الاسم وتقع على نهر الفرات، ما يمثل تطورا كبير في الحرب المستمرة في سوريا منذ عامين.

وكانت مصادر خاصة ذكرت لموقع سكاي نيوز عربية أنه تم تسليم الفروع الأمنية وقصر المحافظ في الرقة إلى "الكتائب المقاتلة"، كما أفادت عن وقوع محافظ الرقة وأمين فرع حزب البعث فيها في قبضة مقاتلي المعارضة.

وبث ناشطون على يويتوب تسجيل فيديو لما قالوا إنهم معارضون في ساحة مدينة الرقة أمام مبنى المحافظة أسقطوا تمثال للرئيس السابق حافظ الأسد.

وتقع المدينة على نهر الفرات في شمال البلاد وعلى مقربة من الحدود التركية، وكانت تضم قرابة 240 ألف نسمة، قبل أن يضاف إليهم نحو 800 ألف نازح من مناطق سورية أخرى جراء النزاع المستمر في البلاد منذ نحو عامين.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أدت أعمال العنف في سوريا الثلاثاء إلى مقتل 161 شخصاً.

كيري: الحل حكومة انتقالية

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الرئيس السوري بشار الأسد "فقد شرعيته وليس هناك أي طريقة أمامه لكي يستعيدها مرة أخرى".

وأضاف كيري، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم، اليوم الثلاثاء، بالعاصمة الدوحة، أن "أفضل طريق هو تشكيل حكومة انتقالية وإعطاء فرصة للشعب السوري لتقرير مصيره".

وفي رده على سؤال حول تصريحات إيرانية بأن الأسد باقٍ حتى 2014، قال وزير الخارجية الأمريكي "هذا هو الموقف الإيراني وليس موقف الشعب السوري، وأن الجهة التي ستحدد هذا الأمر هي المعارضة السورية".

الأردن يدعو إلى "انتقال سياسي"

ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني النظام السوري الثلاثاء إلى التحرك باتجاه "عملية انتقالية تشمل جميع الأطراف" للحيلولة دون انقسام البلد.

وقال الملك عبد الله في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي عبد الله غول إن "عملية انتقال شاملة هي وحدها الكفيلة بوقف النزاع الطائفي وتجنب تفكك سوريا".

وأكد العاهل الأردني على "الضرورة الملحة" لإجراء عملية انتقال سياسي لوقف سفك الدماء "والحفاظ على وحدة أراضي" سوريا، التي تشهد نزاعا مسلحا منذ نحو عامين أدى إلى مقتل نحو 70 ألف شخص، طبقا لأرقام من الأمم المتحدة.

وقال غول إن النزاع أدى إلى لجوء نصف مليون سوري على الأقل إلى الأردن وتركيا.

وتطالب أنقرة وعمان بالحصول على مساعدات دولية لاستيعاب تدفق اللاجئين الذي أرهق موارد البلدين.

وتسعى الأمم المتحدة إلى الحصول على 1.5 مليار دولار لمساعدة نحو مليون لاجئ سوري و4 ملايين سوري متضررين بالنزاع داخل سوريا، حتى شهر يونيو.

وسجلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة نصف مليون لاجئ سوري، وتتوقع نحو مليون لاجئ آخر بحلول يونيو، وهو ما يشكل 4.4% من سكان سوريا قبل النزاع.